بسم الله الرحمن الرحيم [رب يسر برحمتك] (1) الحمد لله الذي هدى العباد إلى معرفته، ويسر لهم (2) سبيل عبادته، وأعانهم على العمل بطاعته، ورغبهم في ذلك بالجزيل من ثواب جنته، وحذرهم خلافه ومعصيته بشديد عقابه ونقمته، فأجاب إلى دعوته من وفق لذلك برحمته، وعند عن أمره من خذل بضلاله وشقوته، والحجة الغالبة في ذلك لله سبحانه على بريته، وصلى الله على صفوته من خلقه، محمد والبررة الطاهرين من عترته وسلم.
وبعد: فإني (3) لما عرفت من آثار (4) السيدة الجليلة الفاضلة أدام الله
Shafi 13
إعزازها (1) جمع الأحكام التي يعم في المكلفين من الناس، ويختص النساء منهم على التمييز لهن والابراز، ليكون ملخصا في كتاب يعتمد للدين، ويرجع إليه فيما يثمر العلم به (2) واليقين، وأخبرني برغبتها أدام الله توفيقها في ذلك، من سكنت إلى خبره، وسألني الايجاز فيما أثبته منه، ليخف حفظه على متأمله ومعتبره، استخرت الله تعالى في ذلك، وأمليت ما يحويه هذا الكتاب مما تقدم بذكره الخطاب، والله الموفق للصواب.
Shafi 14
باب ما يعم كافة المكلفين فرضه، ولا يسقط عنهم مع كمال عقولهم اعتقاد التوحيد لله سبحانه، ونفي التشبيه عنه، والتعديل له في الأفعال، ونفي العبث عنه وقبائح الأعمال، واعتقاد البعث بعد الموت، والنشور، والجنة، والنار.
واعتقاد النبوة لمحمد بن عبد الله، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله، وأنة لا نبي بعده والتصديق له فيما جاء به عن ربه (1) جلت عظمته.
واعتقاد الحق في شرعه، والعمل بما عم فرضه منه، من الطهارة، والصلاة، والزكاة لمن وجب عليه، والصيام لمن توجه (2) فرضه إليه، والحج لمن استطاع إليه سبيلا.
واعتقاد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأنه كان الخليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله في مقامه، والإمام المقدم على الكافة بعد وفاته، وأنه أفضل الخلق من بعده، وأن الموالاة له موالاة (3) لرسول الله، والمعاداة له معاداة لرسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه كان القائم بالقسط في دين الله بمودته، والبراءة من أعدائه الدائبين بمخالفته.
واعتقاد إمامة الحسن والحسين عليهما السلام من بعده، وأن
Shafi 15
الأئمة بعد (1) الحسين من ولده بالنص عليهم، والتوقيف (2) على إمامتهم، والدعوة إلى اعتقاد فرض طاعتهم، والقربة إلى الله بولايتهم، والبراءة إليه ممن انطوى على عداوتهم، وانتظار دولة الحق في عاقبتهم، والقطع على أنهم أفضل من سائر رعيتهم.
واعتقاد وجوب ولاية أمير المؤمنين، وعداوة الكافرين، والمودة لأهل الطاعة في الدين، والنصيحة لأهل التوحيد والمعرفة واليقين.
* * *
Shafi 16
باب ما يخص فرضه بمن (1) كلفه الله، وأمره، ونهاه من النساء الأحرار والإماء، على الجملة لذلك، والتفصيل قد تقدم القول في فرض الطهارة للصلوات، وأنه يعم المكلفين (2) من الناس، غير أن في (3) كيفيته اختلافا بين أفعال النساء والرجال فيه، وفي سنة ذلك، والفضل المندوب فيه.
فمما يخالف عمل الرجال فيه عمل النساء، أن الرجال إذا أرادوا الاستنجاء، كان استنجاؤهم طولا، وينبغي للنساء أن يستنجين عرضا.
فإذا غسل الرجال أيديهم في الطهارة بدأوا بغسل ظواهر أذرعهم (4)، وينبغي للنساء أن يبتدئن بغسل بواطنها.
وإذا مسح الرجال رؤوسهم في الوضوء وضعوا أيديهم على نفس البشرة منها، فمسحوا بمقدار ثلاث أصابع مضمومة مع الشعر.
وللنساء أن يدخلن إصبعا من أصابع أيديهن تحت القناع، فيمسحن بمقدار أنملة واحدة في ثلاث صلوات، وهي الظهر والعصر والعشاء الآخرة، وإن ألقين القناع ومسحن بأكثر من ذلك كان أفضل،
Shafi 17
ويجزيهن ما ذكرناه، ويضعن القناع في صلاتين، وهي الغداة والمغرب، ويمسحن برؤوسهن على التمام حسب مسح الرجال كما ذكرناه.
وإنما رخص لهن في الصلوات تيسيرا عليهن، ورفعا للمشقة عنهن.
فصل ومن احتلم من الرجال، أو جامع وأنزل الماء، كان عليه أن يستبرئ بالبول قبل الغسل، فإن لم يفعل، ووجد بعد الغسل بللا كان عليه إعادة الغسل.
وليس يجب مثل ذلك على النساء.
باب الحيض وإذا حاضت المرأة، فلتعتزل الصلاة، ولا تقرب المسجد إلا عابرة سبيل لحاجة تدعوها إلى ذلك، وعليها أن تتوضأ عند وقت (1) كل صلاة، وتجلس للصلاة فيه (2)، وتستقبل القبلة، وتقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وتستغفر الله لذنوبها، وتصلي على محمد وآله.
فيكون تسبيحها ذلك واستغفارها وصلاتها على النبي وآله عليهم السلام بمقدار زمان صلاتها لو كانت تصليها على طهارة و (3) نحو ذلك من الزمان.
Shafi 18
ولا ينبغي - إن كان لها زوج - أن تمكنه من نفسها، وإن كانت أمة فلا يقربها سيدها حتى تطهر من دم حيضها، قال الله سبحانه:
<a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/2/222" target="_blank" title="البقرة: 222">﴿ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾</a> (1) فصل وأقل زمان الحيض ثلاثة أيام بلياليها، وأكثره عشرة أيام بلياليها، فما بين ذلك، فلا يكون حيض أقل من ثلاثة أيام، ولا يكون أكثره أكثر من عشرة أيام.
وإذا انقطع دم الحيض ولم تعلم المرأة هل انقطع لغايته (2) أم لغير ذلك؟ استبرأت (3) بقطنة تحتملها، فإن خرج عليها دم وإن قل فما انقطع لغايته.
وإذا رأت المرأة يوما أو يومين ولم تره بلياليها متوالية فليس بدم حيض، فلتقض الصلاة التي تركتها في اليوم أو اليومين.
فإن رأته أكثر من عشرة أيام متتابعة، فليس بدم حيض لكنه دم استحاضة، فعليها أن تغتسل في اليوم الحادي عشر قبل الفجر أو عنده، وتصلي وتصوم إن أرادت الصوم.
Shafi 19
والحائض لا تصوم في حيضها فرضا ولا تطوعا، كما لا تصلي فرضا ولا تطوعا، ولا يجوز لها أن تقرب قبر النبي عليه السلام، ولا قبر إمام من أئمة آل محمد عليهم السلام، ولا بأس بأن تقف بأبواب مشاهدهم، ولا تلج مواطن الصلاة منها.
ولا تقرب الطواف بالبيت.
ولا بأس أن تسعى بين الصفا والمروة، وتحضر المشاعر كلها.
وتحرم بالحج والعمرة وهي حائض، لكنها لا تدخل المسجد الحرام ولا مسجد النبي صلى الله عليه وآله، ولا شيئا من المساجد على ما قدمناه.
وإذا أرادت الإحرام بالحج أو العمرة وهي حائض لحلول وقت الاحرام عليها وتضيقه (1)، وهي أن تكون على حيضها في آخر الميقات، اغتسلت وأحرمت من غير صلاة.
ولا يجوز للحائض، والنفساء، والجنب من النساء والرجال: أن يضعوا أيديهم على شئ من القرآن مكتوب في لوح أو صحيفة أو غير ذلك، فإن كان المصحف في غلاف لغلافه (2)، كان لهم أن يحملوه بها، ولا بأس أن يلمسوا أطراف الورق من المصحف إذا لم تكن أيديهم تقع على شئ مكتوب من القرآن، ويمسوا الجلد الذي فيه الورق، والأفضل اجتناب ذلك كله، والتعظيم (3) للقرآن، والاجلال له والاكبار (4).
وللحائض أن تقرأ من القرآن كله ما بين آية إلى سبع آيات، [ولا
Shafi 20
تقرأ أكثر من سبع آيات] (1). ولا يجوز لها أن تقرأ شيئا من سورة سجدة لقمان (2)، ولا من سورة حم السجدة، ولا من سورة النجم، ولا من سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق، لأن (3) في هذه السور الأربع سجودا مفروضا، ولها من أجله حرمة تمنع من قراءة شئ من السور (4)، ولا يجوز مثل ذلك للنفساء، ولا للجنب كما قدمناه.
ومن سمع تلاوة موضع السجود، فإن لم يكن طاهرا فليوم بالسجود إلى القبلة إيماءا، ولا حرج في ترك السجود عند سماع ما عدا هذه الأربع السور المذكورات من مواضع سجود القرآن.
ولا بأس للحائض، والنفساء، والجنب خاصة من الرجال والنساء، بمعالجة العجن، والخبر، وغسل الثياب إذا كانت أيديهم مغسولة قبل لمس شئ مما ذكرناه ولا بأس بعرق من ذكرناه، والصلاة في لباسه ما لم يكن فيه شئ من النجاسة.
فصل فالمرأة إذا استحاضت، فعليها الاستبراء، وغسل الفرج بالماء، وحشوه بالقطن وشده بالخرق. فإن كان الدم يرشح قليلا لا يرشح من الخرق، كان على المرأة نزعه عند وقت كل صلاة، وتجديد الطهارة للصلاة
Shafi 21
الحاضرة، واستيناف قطن طاهر لم يلحقه الدم وخرق طاهرة.
فإن رشح الدم على الخرق، كان على المرأة نزعه عند الفجر وغسل الفرج، وإبدال القطن والخرق بغيرها ما (1) لم تنله نجاسة، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، وتغتسل كغسلها من الجنابة، وإن فعلت ذلك لصلاة الليل والغداة جاز وكفاها عن الغسل للفجر، وإن اغتسلت قبل أن تستبدل القطن والخرق بعد الوضوء كان ذلك أحوط، وتتوضأ لباقي الصلوات، و (2) تجدد الوضوء في وقت كل صلاة، وتستبدل الخرق والقطن.
وإن غلب الدم حتى يزيد على الرشح، اغتسلت ثلاثة أغسال في اليوم والليلة، لكل صلاتين غسلا، وتجمع بين الصلاتين.
فتغتسل للظهر والعصر غسلا، وتستبدل القطن والخرق، وتجعل صلاتها للظهر في آخر وقت الظهر، وتصلي العصر في عقيبها، من غير أن تفصل بينهما بنافلة، وتجعل النوافل قضاء، وإن جمعت بين الصلاتين الظهر والعصر في أول (3) أوقات الظهر أو وسطها، لم تحرج بذلك.
وتغتسل للمغرب والعشاء الآخرة غسلا ثانيا، وتجمع بينهما، فتصلي المغرب في آخر أوقاتها، وتصلها بالعشاء الآخرة، وتجعل نوافل المغرب بعد العشاء الآخرة، وتصلها بالوتيرة التي هي نافلة العشاء.
وتغتسل لصلاة الليل، وتستبدل القطن والخرق، وتصليها وبعدها الفجر وركعتي الصبح بذلك الغسل. فإن كانت ممن لا يتفق لها نوافل الليل اغتسلت لصلاة الغداة على ما قدمناه.
Shafi 22
فصل وإذا التبس على المرأة دم الحيض من دم الاستحاضة، اعتبرت ذلك بلون الدم وكثافته، ورقته، وبرودته، وحرارته.
فإن كان الدم غليظا، شديد الحمرة يميل إلى السواد، يخرج بحرارة تحس به فهو دم حيض.
وإن كان رقيقا صافي اللون يميل إلى الصفرة، يخرج بغير حرارة وربما أحست فيه ببرودة، فهو دم استحاضة.
ومن بلي من النساء باطباق الدم، فلتترك الصلاة في الأيام التي كانت تعتاد (1) فيها لدم الحيض، فإذا زالت اغتسلت كما ذكرناه في أبواب الاستحاضة، وعادت إلى الصلاة والصيام.
وإن كانت ممن لا تستقر لها عادة في الحيض معروفة اعتبرت الدم، واستظهرت، واحتاطت لدينها إن شاء الله.
فصل وليس على الحائض أن تقضي ما فاتها من الصلاة، لكنها تقضي ما فاتها من الصوم المفروض.
وكذلك النفساء ليس عليها قضاء ما فاتها من الصلاة في أيام نفاسها لكنها تقضي ما فاتها من الصوم المفترض على ما ذكرناه.
Shafi 23
وإن فاتها صوم التطوع، لم يكن عليها قضاؤه، فإن قضته احتسبت بذلك، ولا تقضي صلاة على كل حال.
فإذا (1) حاضت المرأة وهي صائمة أفطرت وقت حيضها، وقضت ذلك اليوم وإن كان حيضها قبل مغيب الشمس بلحظة واحدة.
وإذا طهرت في شهر الصيام، أمسكت في الوقت الذي تطهر فيه من اليوم عن الأكل والشرب، ولو كان الوقت في أول النهار وعليها قضاء ذلك اليوم.
وكذلك حكم النفساء إذا وضعت حملها وكانت صائمة أفطرت.
فإذا انقطع دم نفاسها في بعض يوم من شهر رمضان أمسكت بقية يومها، وعليها القضاء.
إذا رأت الحامل دما على حملها، فليس ذلك بحيض يمنع من الصلاة والصيام فلتصل ولتصم، ولا تترك شيئا من ذلك بسبب الدم الذي رأته على الحمل، ويعمل فيه على ما ذكرناه من عمل المستحاضة، فتغسل فرجها، وتحتشي بالقطن، وتتشدد بالخرق، وتصلي وتصوم، وحكمها في ذلك حكم المستحاضة على ما فصلناه وبينا القول فيه وشرحناه.
وليس تحرم المستحاضة على زوجها إلا (2) الحامل التي ترى الدم على حملها، وإنما الشئ الذي يحرم المرأة على زوجها دم الحيض ودم النفاس، ولا يقرب الحائض والنفساء أزواجهما ما دامتا في الدم، فإذا تطهرتا لم يكن
Shafi 24
حرج على الزوج في لمسها إن شاء الله.
وأقل دم النفاس انقطاعه ولو كان بعد ساعة من وضع الحمل، وأكثره عشرة أيام.
فإن استمر الدم بالتي تضع حملها فرأته بعد العشرة الأيام فليس ذلك بدم نفاس بل هو استحاضة، وعلي المرأة حينئذ أن تغتسل قبل الفجر من الحادي عشر وتحتشي، وتعمل ما تعمله المستحاضة، وتصلي وتصوم إن شاء الله.
وأحكام النساء من بعد الذي وصفناه في الوضوء والغسل كأحكام الرجال سواء، إنما يتميزن من الرجال في باب الطهارة بما ذكرناه، وبينا القول فيه ووصفناه.
والنساء يشركن الرجال في الندبة إلى الأغسال المسنونة كغسل الجمعة، والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من شهر رمضان، وليالي الإفراد منه، وليلة الفطر، والإحرام بالحج والعمرة، ولدخول مكة، ودخول البيت الحرام، وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزيارة الأئمة عليهم السلام.
باب أحكام النساء في الصلوات والمرأة (1) إذا قامت إلى صلاتها فليس عليها للصلاة أذان ولا إقامة.
فإن تشهدت بالشهادتين، فقالت: (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد
Shafi 25
أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله) من غير أن تجهر بها، فيسمع صوتها من ليس بمحرم لها، كانت بذلك محسنة مأجورة. وإن دخلت في الصلاة بغير الشهادتين أجزأها ذلك.
والسنة في الأذان والإقامة للصلوات تختص بالرجال، ويتأكد الأمر فيهما على إمام الجماعة في الصلوات الخمس، بل هو واجب في ذلك دون ما عداه.
فإذا وقفت المرأة في القبلة كبرت حيال وجهها، ورفعت يديها إلى دون شحمتي أذنيها، ثم أرسلتهما (1) بالتكبير.
ووضعت أصابع يدها اليمنى على ثديها الأيمن، وأصابع يدها اليسرى على ثديها الأيسر.
وجمعت بين قدميها في القيام، ولم تفرق بينهما.
وسنة الرجال في الصلوات بخلاف ذلك، يفرق الرجل بين قدميه بمقدار أربع أصابع مفرجات إلى أكثر من ذلك، وإذا كبر أرسل يديه على فخذيه.
وإذا ركعت المرأة وضعت يديها على فخذيها، ولم تطأطئ كثيرا، لئلا ترتفع عجيزتها.
والرجل إذا ركع ألقم كفيه عيني ركبتيه، وانحنى حتى يعتدل ظهره، فحكمه في ذلك بخلاف حكم النساء.
وإذا أرادت المرأة السجود، جلست على الأرض قبل أن تضع جبهتها عليها، فإذا اطمأنت بالأرض سجدت متضممة (2) بلصق ذراعيها
Shafi 26
إلى عضديها إلى جنبها، وفخذيها إلى بطنها لاطئة (1) بالأرض.
فإذا أرادت القيام من السجدتين جلست ثم قامت، فإذا تعدت للتشهد جلست على أليتيها، ورفعت ساقيها، ووضعت باطن قدمها (2) على الأرض، وضمت بين ساقيها وعيني ركبتيها.
وحكم الرجال في ذلك يخالف ما وصفناه.
وإذا أراد الرجل السجود أهوى بيديه إلى الأرض قبل ركبتيه، ثم سجد منفرجا قد رفع ذراعيه (3) عن عضديه (4) عن جنبيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، ويسجد على سبعة أعظم: الجبهة، وباطن الكفين، وعيني الركبتين، وأطراف أصابع الرجلين، ويرغم بأنفه إرغاما.
فإذا جلس (5) للتشهد جلس على أليتيه، واعتمد على اليسرى منهما قليلا، وخفض فخذه اليسرى ورفع فخذه اليمنى.
فهذا حكم الرجال فيما عددناه من هيئة الصلاة، وحكم النساء ما شرحناه من ذلك والله ولي التوفيق.
وسترة المرأة الحرة في الصلاة قميص وخمار، تغطي به رأسها، لا أقل من ذلك، ولا يجوز لها أن تصلي في قميص كثيف (1) وإن كان عليها سراويل أو مئزر .
Shafi 27
والرجل يجوز له ذلك، إذا كان عليه سراويل أو مئزر.
وللأمة أن تصلي مكشوفة الرأس.
والصبية الحرة تصلي أيضا مكشوفة الرأس قبل بلوغها الحلم، وستره أفضل، فإذا بلغت لم تصل إلا مغطاة الرأس، إن شاء الله.
وللرجل أن يصلي بغير قميص إذا كان عليه مئزر أو سراويل وإزار يأتزر ببعضه ويلقي بعضه على كتفيه.
وليس حكم الرجال حكم النساء فيما [قدمنا ذكره من السترة] (1) في الصلاة على ما بيناه.
فصل وللحرة (2) أن تؤم النساء فتصلي بهن الصلوات الخمس جماعة، فإذا أمتهن فلا، تتقدم عليهن في المحراب، لكن تقوم في وسطهن بارزه عنهن قليلا، ولا تتقدم عليهن كثيرا، ولا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال، وللرجال أن يؤموا النساء.
وليس على النساء حضور الجمعة، ولا العيدين.
وفرض صلاة الاستسقاء على الكفاية للرجال.
وكذلك الصلاة على الجنائز فرض على الرجال دون النساء، وليس بفرض عام لكنه فرض على الكفاية، إذا قام به بعضهم سقط عن الآخرين.
Shafi 28
وتصلي المرأة صلاة الكسوف في بيتها كما يصليها الرجال، وهي ركعتان، في كل ركعة خمس ركعات وسجدتان، تركع في الأولى منها خمس مرات، وتسجد بعد الخامسة سجدتين، وتقوم إلى الثانية فتصنع فيها كذلك، وتتشهد وتنصرف بالتسليم.
ومن السنة للرجال أن يفزعوا (1) عند كسوف الشمس والقمر إلى مساجدهم، ويصلوا فيها جماعة [إن شاءوا وفرادى] (2) غير أنه إن احترق القرص كله في الكسوف كانت سنة على الرجال أن يصلوا صلاة الكسوف جماعة.
وليس من السنة أن تصلي النساء صلاة الكسوف في المساجد، وإن صلينها جماعة في بيوتهن جاز ذلك، وكان ذلك حسنا إن شاء الله.
وللنساء أن يقصرن في سفر الطاعة كما يقصر الرجال.
ويفطرن في شهر رمضان كما يفطر الرجال، وعليهن قضاء الصوم بعد رجوعهن إلى بلادهن أو إقامتهن في بلد غير بلادهن إذا عزمن على المقام عشرة أيام فصاعدا.
وليس عليهن قضاء في تقصير الصلاة، كما أنه ليس ذلك على الرجال.
وليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم لها.
ولا تسافر إذا كانت ذات بعل إلا بإذن بعلها.
فإن وجب عليها الحج، ولم يكن لها ذو محرم تسافر معه، خرجت بغير ذي محرم، ولا تترك المفترض عليها من الحج مع الامكان إن شاء الله.
Shafi 29
باب أحكام النساء في الصيام المرأة (1) تصوم شهر رمضان كما تصومه الرجال، ولا تترك صومه (2) إلا بحيض (3) أو نفاس، أو مرض، أو سفر على ما حكم الله به في ذلك.
ولا تصوم المرأة تطوعا إذا كانت ذات بعل حتى تستأذن بعلها فيه، فإن أذن لها صامت، وإن منعها منه حرم عليها صيامه (4).
ويكره لها أن تقضي صوم شهر رمضان بغير إذن زوجها، وليس لزوجها أن يمنعها من القضاء، إلا بمثل ما يجوز لها (5) الامتناع منه على الاختيار، لمصلحة تفوت بصيامها، ولا يكون ذلك إلا في نادر من الأيام، وله أن يمنعها من التبرع بالصيام.
ولا تقعد المرأة (6) إذا كانت صائمة في الماء إلى وسطها، ولا تقوم فيه كذلك (7).
وللرجال أن يفعلوا ذلك.
Shafi 30
وليس لهم ولا للنساء أن يرتمسوا في الماء وهم صيام حتى يغم رؤوسهم.
ثم أحكام النساء بعد الذي عددناه، وأحكام الرجال في الصوم سواء.
باب أحكام النساء في الزكوات والصدقات النساء والرجال في مفروض الزكاة سواء، وكل ما وجب على الرجال فيما يملكونه منه الزكاة فهو واجب على النساء إذا ملكنه، لا يختلف أحكامهم في هذا الباب على ما ذكرناه.
فصل ويكره للمرأة أن تتبرع بشئ من الصدقة إلا بإذن زوجها على ما قدمناه.
ويكره لها أن تعتق بغير إذنه، وتوقف وتنذر نذرا حتى تستأذنه فيه، فإن فعلت شيئا مما ذكرناه بغير إذن زوجها كانت مسيئة في ذلك، ومضى فعلها، ولم يكن للزوج رده وفسخه.
وإذا ترك الرجل ولدين أحدهما ذكر والآخر أنثى، كان على الذكر أن يقضي عنه الصوم والصلاة إن كان فاته شئ من ذلك في حياته، ولم يكن على الأنثى مثل ذلك.
ولا تعقل الإناث في قتل الخطأ، وإنما العقل على الرجال، ولذلك
Shafi 31
كان لهم الميراث بالولاء، ولم يكن ذلك للنساء.
باب أحكام النساء في الحج والعمرة وإذا استطاعت المرأة الحج وجب عليها أداؤه كما يجب ذلك على الرجال، وعليهن العمرة فريضة كما هي مفترضة على الرجال.
وإذا أحرمت المرأة للحج أو العمرة فليس عليها التعري من اللباس كما يجب ذلك على الرجال.
وليس عليها كشف رأسها في الاحرام كما يجب ذلك على الرجال.
وليس عليهن الجهر بالتلبية كما يلزم ذلك الرجال، بل ينبغي للنساء أن يخفضن أصواتهن بالتلبية، لئلا يسمعهن من ليس لهن بمحرم من الرجال.
وتسور (1) المرأة قناعها على وجهها إلى طرف أنفها في الاحرام إن احتاجت (2) إلى ذلك، فإن لم تدعها إليه حاجة كشفت وجهها، لأن إحرام النساء في وجوههن، وإحرام الرجال في رؤوسهم على ما ثبتت (3) به السنة، وتقرر في شرع الإسلام.
وليس على النساء أن يستلمن الحجر الأسود، كما أن السنة في ذلك على الرجال.
Shafi 32