المبحث الثاني
حكمة الصفوف، وتسويتها في الصلاة
لما كانت هذه الأمة أفضل الأمم، وخيرها، جعل الله من فضلها أن صفوفها في الصلاة، كصفوف الملائكة عند ربها، كما أخبر النبي ﷺ على هذه الخاصية، وَذَكَّرَ بها أصحابه فقال ﷺ: "فُضِّلنا على الناس بثلاث: جُعِلَت صفوفنا كصفوف الملائكة … " (^١).
فكان من الحكم العظيمة والأمور الجليلة، من التسوية ما يلي:
أولا:
تعديل الصف، وعدم اعوجاجه، فالتسوية والنظام في الصف، دليل على التوافق، والانسجام، مما يترتب عليه توافق القلب، والقالب، ولقد كان ﷺ يباشر ذلك بيده، كما في حديث البراء ﵁ "كان رسول الله ﷺ، يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح على صدورنا، ومناكبنا (^٢)، ويقول: لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم" (^٣).
(^١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب مواضع الصلاة برقم (٥٢٢) ١/ ٣٧١.
(^٢) المَنَاكِب: كل مجمع عظم العضد والكتف من الإنسان والطائر، ونحوه. انظر: المحيط في اللغة ٦/ ٢٨١، مقاييس اللغة ٥/ ٤٧٤، والقاموس المحيط ١/ ١٧٩.
(^٣) أخرجه أبو داود بلفظه في سننه، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف برقم (٦٦٤) ١/ ٢٣٤ والنسائي في سننه، كتاب الإمامة، باب كيف يقوم الإمام الصف برقم (٨١١) ٢/ ٨٩، وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصلاة، باب الصفوف برقم (٢٤٣٠) ٢/ ٤٥، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الإمامة في الصلاة، باب صلوات الرب وملائكته على واصلي الصفوف الأول برقم (١٥٥٦) ٣/ ٢٦، وصحح إسناده الألباني انظر: (صحيح أبي داود ٣/ ٢٤٠.) وروي بألفاظ أخرى مقاربة.