Ahkam al-Quran by Bakr bin Alaa - Theses
أحكام القرآن لبكر بن العلاء - رسائل جامعية
Editsa
رسالتا دكتوراة بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
Nau'ikan
والصحيح من التفسير: أنه شهر رمضان، فإن قال قائل فهل كُتب شهر رمضان على من كان قبلنا؟ قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك قد كُتب على إبراهيم صلوات الله [عليه] (^١)، ألا ترى إلى قوله: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (^٢) وقد يجوز ألا يكون كتب على إبراهيم ولا على غيره شهر رمضان، ولكن كتب عليهم صيام ثم قيل لنا: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ (^٣) كما فرض على الذين من قبلكم أيامًا معدودات وليست بعينها، ثم جعل الله الأيام التي علينا شهر رمضان، ألا تراه ﷻ قال: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ (^٤) ولم يخلق عيسى من تراب وكان التشبيه في قوله: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ (^٥) دون خلقه من تراب. (^٦)
(^١) كلمة (عليه) ليست في الأصل، وأضفتها ليستقيم المعنى.
(^٢) [سورة الحج: الآية ٧٨]
(^٣) [سورة البقرة: الآيتان ١٨٣ - ١٨٤]
(^٤) [سورة آل عمران: الآية ٥٩]
(^٥) [سورة آل عمران: الآية ٥٩]
(^٦) التشبيه بين عيس وآدام ﵉ في كونهما خلقا من غير أب، فإن هذه الآية كما ذكر المفسرون نزلت في الرد على النصارى في استنكارهم لخلق عيسى من غير أب.
[انظر تفسير ابن جرير: ٣/ ٢٩٥، وابن كثير: ١/ ٣٦٧].
أما مسألة موضع التشبيه بين صومنا وصوم الذين من قبلنا فقد ذكر فيها أقوال ملخصها: أن التشبيه يرجع إلى حكم الصوم وصفته، لا في عدده، وقيل: إنه يرجع إلى عدد الصوم لا إلى صفته.
[انظر النكت والعيون: ١/ ٢٣٦].
والراجح أنه تشبيه للكتابة بالكتابة، وليس المكتوب بالمكتوب، قال ابن العربي: والمقطوع به أنه التشبيه في الفرضية خاصة، وسائره محتمل. [أحكام القرآن: ١/ ١٠٨].
وقال ابن الجوزي: التشبيه راجع إلى نفس الصوم لا إلى صفته، ولا إلى عدده، والمعنى: كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم، وأما صفة الصوم وعدده فمعلوم من وجوه أخر لا من نفس الآية، وهذا المعنى مروي عن ابن أبي ليلى، وقد أشار إليه اسدي، والزجاج، والقاضي أبو يعلى، وما رأيت مفسرًا يميل إلى التحقيق إلا وقد أومأ إليه، وهو الصحيح، وما ذكره المفسرون فإنه شرح حال صوم المتقدمين، وكيف كتب عليهم لا أنه تفسير للآية، وعلى هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلًا.
[انظر نواسخ القرآن: ٢٠٢، وانظر في هذه المسألة تفسير الشيخ ابن عثيمين: ٢/ ٣١٦].
وأما مسألة الخلاف في المراد بالأيام المعدودات فالراجح هو ما ذكره المؤلف هنا من أن المراد هو صوم شهر رمضان، وهذا ما عليه جمهور المفسرين. [انظر النكت والعيون: ١/ ٢٣٧].
قال ابن جرير: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى الآية: يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب، أيامًا معدودات وهي شهر رمضان كله؛ لأن من بعد إبراهيم ﷺ كان مأمورًا باتباع إبراهيم، وذلك أن الله جل ثناؤه كان جعله للناس إمامًا، وقد أخبرنا الله ﷿ أن دينه كان الحنيفية المسلمة، فأمر نبينا ﷺ بمثل الذي أمر به من قبله من الأنبياء.
وقال في موضع آخر: فمن ادعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين غير صوم شهر رمضان الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه، ثم نسخ ذلك سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر، وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أيامًا معدودات هي شهر رمضان، وجائز أيضًا أن يكون معناه: كتب عليكم الصيام كتب عليكم شهر رمضان.
[انظر تفسير الطبري: ٢/ ١٣٠، ١٣٢]
1 / 360