Ferny ) إن صح ما قاله فينا الأب ل. خليل (بشير 4 تموز 1935).
في هذا السهل غرسوا وغرسنا الزيتون، والحكومة من الملاكين أيضا في هذا السهل الخصيب، وكم زجت - على عهد السلاطين - في السجون من أبرياء اتهموا بعقر زيتونها، وما كان الجاني غير العاصفة، أما في صدور الجبال المتكئة حول عين كفاع، كثبير امرئ القيس في عرانين وبله، فأغراس عنب وتين وكل ما عرف الفلاح اللبناني من أشجار مثمرة، فصار يحق لنا أن نرتل:
والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين . حقا إنها بلد أمين ممن يدخلون القرى فيفسدونها.
إذا تأملت ترى الحيطان منظمة كسطور ابن مقلة فتحسبك في مدرج روماني والعرائش كالعرائس تجلل قلالها كأنها عذارى دوار في ملاء مذيل.
والقمم وما أجمل تلك القمم تختبئ خلف بعضها كعذارى لبنان في محفل، عنيت القرويات لا المتسابقات إلى عروش الجمال.
الوادي الشمالي رهيب جدا، وضيق جدا كصدور اللاهوتيين المتحرجين، تتناوح فوقه الجبال حتى تتصافح، يمتد من ميفوق إلى سيف البحر حيث بني على قدميه جسر المدفون. مسافته عشرون ميلا أو تزيد، وتعاريجه أوضح ما تكون في عين كفاع، فكأنك أمام فسطان الملكة فكتوريا المثنى والمطوى بشكل ملوكي. ولو كان هذا الوادي الذي تطل منه القرية على البحر عريضا تجري فيه المياه لقلت لك الدردنيل أو البسفور. ولكنه يضيق فيصير قيد باع فقط. وفي هذا كان يربض الناس لتحية بعضهم في الليالي السوداء، وكل ليالي (الزرادات) سوداء، وأنى لضوء القمر أن يبدد ظلمة لا تكاد تنيرها أمه.
في القرية وحولها هوى عديدة، فقرب بيتنا هوة سدها جدودنا فصرنا نقصد هوة (المساسير) حيث ندهور الحجارة ونصغي إلى صوتها وصداها، فتتساقط من درجة إلى درجة فنعد السبعين والثمانين ولا نزال نسمع التدهدي، حتى اعتقدنا صغارا أن هناك باب جهنم، وكانوا يخوفونا بخروج الجن والشياطين والعفاريت والرصد من فم تلك الهوة الرهيبة ليصدونا عنها، وللرصد حديث مثير لا نضن به عليك.
حول القرية كهوف تعد بالعشرات، مهرتة فوه ككواسر لامية العرب، فكأنها فم الدهر يحدثنا بما مر أمامها من مشاهد وعبر ولا نفهم ولا نعي شيئا.
أما غابات القرية، وجل أشجارها سنديان، فمربعات ومثلثات وموشورات على جوانب كرومها، وفي الجهة الغربية غابة تكسو الجبل من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وفي الجهة الشمالية بقعة كبيرة كلها من الآس.
القرية نصرانية مارونية وقديسها مار روحانا يعيدون له في 29 أيلول كأنه عيد القطاف والعصير، أو مناحة أمنا على فتى فصولها. إن عجائب القديس روحانا كثيرة، أكثر من عجائب يسوع، وحياته غرائب سأحدثك عنها يوم عيده، أما الآن فإليك أنموذجا منها: نجى القديس صبيين من أسد (رديء) كاد يفترسهما، وإن سألت كيف ذلك؟! قيل لك (عجائب الله في قديسيه).
Shafi da ba'a sani ba