هذا حديث صحيح مخرج في الصحاح اتفق على صحته علماء الأمصار وفقهاء الأقطار، وقد صدر الإمام أبو عبد الله البخاري كتابه الصحيح به، وجعله له كالخطبة، قال أبو عبد الرحمن النسائي: نحب أن نجعل حديث عمر في النية في ابتداء كل باب وابتداء كل (ق4ب) مصنف في السنن، وروي معنى هذا الكلام عن عبد الرحمن بن مهدي ونصه: ينبغي أن يدخل هذا الحديث في كل باب، ومن أراد أن يصنف فليبدأ بحديث الأعمال بالنيات، وقال الإمام ناصر السنة أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، يدخل هذا الحديث في سبعين بابا من الفقه، وقال أيضا: يدخل في هذا الحديث ثلث العلم، وكذلك قال أحمد بن حنبل، [وقال أبو داود السجستاني: أقمت بطرسوس عشرين سنة أكتب المسند، فكتبت أربعة آلاف حديث ونظرت فإذا مدار الأربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث، فذكر حديث "الأعمال بالنيات" هذا، وحديث "الحلال بين والحرام بين"، وحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، وحديث "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"] (1)، وقال أبو عيسى الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، ورواه عنه مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وغير واحد من الأئمة، وهو حديث حسن صحيح. وهذا الحديث من غرائب الصحاح فإنه لم يره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولا رواه عن عمر إلا علقمة بن وقاص، ولا رواه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا رواه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن عمرو بن علقمة، فأما محمد بن عمرو فلم يروه عنه إلا الربيع بن زياد، وأما يحيى بن سعيد الأنصاري فرواه عنه نحو المائتين من الثقات منهم مالك بن أنس الإمام، وسفيان بن سعيد الثوري، والإمام (5أ) أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وشعبة بن الحجاج العتكي، والليث بن سعد الفهمي، وعبد الملك بن جريج المكي، وزيد بن أبي أنيسة الجزري ساكن الرها، وعبد الله بن المبارك المروزي، وسفيان بن عيينة الهلالي، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وحماد بن زيد الجهضمي، وسليمان بن حيان الأحمر، وحفص بن غياث الكوفي، ويزيد بن هارون الواسطي وجماعة.
فصل
قال أبو القاسم بن منده (1): تابع يحيى بن سعيد الأنصاري، محمد بن عمرو، وحجاج بن أرطاة، وعبد ربه بن سعيد أخو يحيى، ودواد بن أبي الفرات. قال: ورواه عن علقمة أيضا، المسيب، ونافع مولى ابن عمر. قال: ورواه عن عمر أيضا ، ابنه عبد الله بن عمر، وأبو جحيفة، وجابر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وذو الكلاع، وناشرة بن سمي، وواصل بن عمرو الجذامي، وابن المنكدر، وعطاء بن يسار. ... قال: وممن رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عمر رضي الله عنه، علي، وسعد، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، ومعاوية، وأبو هريرة، وعبادة بن الصامت , وعتبة بن المنذر، وعتبة بن مسلم، وهزان (2) بن سويد، وجابر، أبو ذر.
(ق5ب)
ونقول: صحيح ما قاله أبو القاسم بن منده رحمه الله لكن الطرق إلى هؤلاء لم يصح بعضها وبعضها مركب، والله أعلم. ... وهذا حديث جليل متفق على ثبوته من حديث أبي سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهيل، ويقال قيس بن قهد، ولا يصح، الأنصاري النجاري المدني، قاضي الهاشمية، عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم القرشى المدني، عن أبي يحيى علقمة بن وقاص الليثي العتواري المدني، عن أبي حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان القرشي العدوي المدني، يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في الأب الثامن عن جدهم كعب، توفي رضي الله عنه بالمدينة، طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة، لسبع أو لأربع أو لثلاث بقين من ذي الحجة مصدر الحجاج، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وعاش بعد الطعنة ثلاثة أيام، وقيل سبعة، ثم مات وهو ابن ثلاث وستين، وقيل: ستين، وقيل غير ذلك، وكانت (ق6أ) خلافته.
Shafi 9