a-prioisme ، أي وجود صور وقوالب لا تخضع لتأثير الزمان، ولا شأن لها بعوامل التطور، نفس الاتجاه الذي أكده جاكسوبون في مجال اللغويات.
إن اللغة - كما هو معروف - هي العنصر الأساسي في «التفكير»؛ لأننا لا نستطيع التفكير في أي شيء ما لم نقسم العالم المحيط بنا إلى فئات أو أصناف أو مقولات
catégories
ونعبر عن هذه الفئات برموز أو ألفاظ، ولو بحثنا في نظم القرابة العائلية مثلا
Le parenté ؛ لوجدنا أن سلوك الإنسان في مجال القرابة يتوقف إلى حد بعيد على تعبيراته في الحديث عن علاقات القرابة، فالمرء يدرك علاقة «أبناء العم أو الخال» عن وعي إذا وجد في اللغة لفظا يعبر عن ابن العم أو الخال، وعند مستوى معين تتيح اللغة للإنسان أن يتصل بغيره ويكون علاقات اجتماعية؛ بحيث يصبح من الممكن المقارنة بين نظم القرابة عند البدائيين - التي يتم فيها تبادل النساء - ونظم اللغة التي يتم فيها تبادل الألفاظ، ونستطيع عندئذ أن ننظر إلى قواعد الزواج ونظم القرابة على أنها نوع من اللغة، أي مجموعة من العمليات التي تستهدف تحقيق نوع معين من الاتصال
Communication
بين الأفراد والجماعات،
11
ففي كلتا الحالتين يتم تبادل «رسالة» معينة وتوصيلها من طرف إلى آخر: إما النساء اللائي يتبادلن بين العشائر أو الأسر، وإما الألفاظ التي تتداول بين الأفراد، ومن هنا كان من الممكن بحث الحالتين على أنهما تعبيران عن ظاهرة واحدة، لها نفس الهيكل أو البناء الأساسي.
وهكذا كان للبحوث اللغوية دور عظيم الأهمية في تحديد الاتجاه الذي سارت فيه بنائية ليفي ستروس وفي صبغ أبحاثه الأنثروبولوجية بطابعها المميز. ولكن هل يعني هذا أن العوامل الفلسفية لم يكن لها تأثير في تفكيره؟ الواقع أن هذه العوامل كانت بالغة الأهمية في حالة ستروس على وجه التحديد، وهي التي تميزه عن سائر الأنثروبولوجيين، وكل ما في الأمر أن الاهتداء إليها يحتاج إلى جهد خاص - سنحاول القيام به - تاركين جانبا تأثير العامل اللغوي (على أهميته)؛ لأنه خارج عن النطاق الأساسي لهذا البحث.
Shafi da ba'a sani ba