142

Haske Akan Sunnar Annabi Muhammad

أضواء على السنة المحمدية

Nau'ikan

الاسرائيليات في الحديث لما قويت شوكة الدعوة المحمدية واشتد ساعدها ، وتحطمت أمامها كل قوة تنازعها ، لم ير من كانوا يقفون أمامها ويصدون عن سبيلها ، إلا أن يكيدوا لها من طريق الحيلة والخداع ، بعد أن عجزوا عن النيل منها بعدد القوة والنزاع . ولما كان أشد الناس عداوة للذين آمنوا ليهود ، لانهم بزعمهم شعب الله المختار ، فلا يعترفون لاحد غيرهم بفضل ، ولا يقرون لنبى بعد موسى برسالة ، فإن رهبانهم وأحبارهم لم يجدوا بدا - وبخاصة بعد أن غلبوا على أمرهم وأخرجوا من ديارهم (1) - من أن يستعينوا بالمكر ، ويتوسلوا بالدهاء ، لكى يصلوا إلى ما يبتغون ، فهداهم المكر اليهودي إلى أن يتظاهروا بالاسلام ويطووا نفوسهم على دينهم ، حتى يخفى كيدهم ، ويجوز على المسلمين مكرهم ، وقد كان أقوى هؤلاء الكهان دهاء وأشدهم مكرا ، كعب الاحبار ووهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام . ولما وجدوا أن حيلهم قد راجت بما أظهروه من كاذب الورع والتقوى ، وأن المسلمين قد سكنوا إليهم ، واغتروا بهم ، جعلوا أول همهم أن يضربوا المسلمين في صميم دينهم ، وذلك بأن يدسوا إلى أصوله التى قام عليها ما يريدون من أساطير وخرافات ، وأوهام وترهات لكى تهى هذه الاصول وتضعف . ولما عجزوا عن أن ينالوا من القرآن الكريم لانه قد حفظ بالتدوين ، واستظهره آلاف من المسلمين ، وأنه قد أصبح بذلك في منعة من أن يزاد فيه كلمة أو يتدسس إليه حرف - اتجهوا إلى التحدث عن النبي فافتروا - ما شاءوا أن يفتروا - عليه أحاديث لم تصدر عنه (2) ، وأعانهم على ذلك أن ما تحدث به النبي في حياته لم يكن محدود المعالم ، ولا محفوظ الاصول ، لانه لم يكتب في عهده صلوات الله عليه كما كتب القرآن ، ولا كتبه صحابته من بعده ، وأن في

---

(1) أجلى عمر يهود خيبر إلى أذرعات وغيرها سنة 20 ه ، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة ، وقسم وادى القرى ونجران بين المسلمين (ص 108 ج 8 البداية والنهاية لابن كثير) ، وذلك لمن لم يكن معه عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم . (2) قال ابن الجوزي : لما لم يستطيع أحد أن يدخل في القرآن ما ليس منه أخذ أقوام يزيدون في الحديث ويضعون ما لم يقل (ص 14 ج 2 تاريخ ابن عساكر) . (*)

--- [ 146 ]

Shafi 145