Haske Akan Sunnar Annabi Muhammad

Mahmud Abu Rayya d. 1390 AH
101

Haske Akan Sunnar Annabi Muhammad

أضواء على السنة المحمدية

Nau'ikan

إلى هنا ينتهى ما نقلناه من كتاب البطليوسى عن الخلاف العارض بين المسلمين من جهة الرواية ، ونعود إلى العلامة الجزائري الذى وقف ينتظرنا لكى يسمعنا ما بقى من كلامه عن ضرر رواية الحديث بالمعني فإذا به يقول : واعلم أن الرواية بالمعنى قد أحس بضررها كثير من العلماء وشكوا منها على اختلاف علومهم ، غير أن معظم ضررها كان في الحديث والفقه لعظم أمرهما . وقد نسب لكثير من العلماء الاعلام أقوال بعيدة عن السداد جدا اتخذها كثير من خصومهم ذريعة للطعن فيهم والازراء بهم ، ثم تبين بين البحث الشديد والتتبع أنهم لم يقولوا بها ، وإنما نشأت نسبتها إليهم من أقوال رواها الراوى عنهم بالمعنى ، فقصر في التعبير عما قالوه فكان من ذلك ما كان . هذا وقد تعرض العلامة النحرير نجم الدين أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي للضرر الذي نشأ من الرواية بالمعنى في مذهبه فقال في آخر كتاب " صفة المفتى " في باب جعله لبيان عيوب التأليف وغير ذلك ليعرف المفتى كيف يتصرف في المنقول ويقف على مراد القائل بما يقول ، ليصح نقله للمذهب وعزوه إلى الامام أو إلى بعض من إليه ينسب . " اعلم أن أعظم المحاذير في التأليف النقلي إهمال نقل الالفاظ بأعيانها والاكتفاء بنقل المعاني مع قصور الناقل عن استيفاء مراد المتكلم الاول بلفظه ، وربما كانت بقية الاسباب مفرعة عنه ، لان القطع بحصول مراد المتكلم بكلامه ، أو الكاتب بكتابته مع ثقة الراوي ، تتوقف على انتفاء الاضمار والتخصيص والنسخ ، والتقديم والتأخير ، والاشتراك والتجوز والتقدير ، والنقل ، والمعارض العقلي ، فكل نقل لا يؤمن معه حصول بعض الاسباب ، لا نقطع بإنتفائها نحن ولا الناقل ، ولا نظن عدمها ، ولا قرينة تنفيها ولا نجزم فيه بمراد المتكلم ، بل ربما ظنناه أو توهمناه - ولو نقل لفظه بعينه وقرائنه وتأريخه وأسبابه (1) انتفى هذا المحذور أو أكثره ، وهذا من حيث الاجمال ، وإنما يحصل الظن به حينئذ بنقل المتحرى ، فيعذر تارة لدعوى الحاجة إلى التصرف لاسباب ظاهرة ، ويكفى ذلك في الامور الظنية وأكثر المسائل

---

(1) آه لو كان كل ذلك يتحقق ! (*)

--- [ 105 ]

Shafi 104