Haske Akan Sunnar Annabi Muhammad
أضواء على السنة المحمدية
Nau'ikan
إلى هنا ينتهى ما نقلناه من كتاب البطليوسى عن الخلاف العارض بين المسلمين من جهة الرواية ، ونعود إلى العلامة الجزائري الذى وقف ينتظرنا لكى يسمعنا ما بقى من كلامه عن ضرر رواية الحديث بالمعني فإذا به يقول : واعلم أن الرواية بالمعنى قد أحس بضررها كثير من العلماء وشكوا منها على اختلاف علومهم ، غير أن معظم ضررها كان في الحديث والفقه لعظم أمرهما . وقد نسب لكثير من العلماء الاعلام أقوال بعيدة عن السداد جدا اتخذها كثير من خصومهم ذريعة للطعن فيهم والازراء بهم ، ثم تبين بين البحث الشديد والتتبع أنهم لم يقولوا بها ، وإنما نشأت نسبتها إليهم من أقوال رواها الراوى عنهم بالمعنى ، فقصر في التعبير عما قالوه فكان من ذلك ما كان . هذا وقد تعرض العلامة النحرير نجم الدين أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي للضرر الذي نشأ من الرواية بالمعنى في مذهبه فقال في آخر كتاب " صفة المفتى " في باب جعله لبيان عيوب التأليف وغير ذلك ليعرف المفتى كيف يتصرف في المنقول ويقف على مراد القائل بما يقول ، ليصح نقله للمذهب وعزوه إلى الامام أو إلى بعض من إليه ينسب . " اعلم أن أعظم المحاذير في التأليف النقلي إهمال نقل الالفاظ بأعيانها والاكتفاء بنقل المعاني مع قصور الناقل عن استيفاء مراد المتكلم الاول بلفظه ، وربما كانت بقية الاسباب مفرعة عنه ، لان القطع بحصول مراد المتكلم بكلامه ، أو الكاتب بكتابته مع ثقة الراوي ، تتوقف على انتفاء الاضمار والتخصيص والنسخ ، والتقديم والتأخير ، والاشتراك والتجوز والتقدير ، والنقل ، والمعارض العقلي ، فكل نقل لا يؤمن معه حصول بعض الاسباب ، لا نقطع بإنتفائها نحن ولا الناقل ، ولا نظن عدمها ، ولا قرينة تنفيها ولا نجزم فيه بمراد المتكلم ، بل ربما ظنناه أو توهمناه - ولو نقل لفظه بعينه وقرائنه وتأريخه وأسبابه (1) انتفى هذا المحذور أو أكثره ، وهذا من حيث الاجمال ، وإنما يحصل الظن به حينئذ بنقل المتحرى ، فيعذر تارة لدعوى الحاجة إلى التصرف لاسباب ظاهرة ، ويكفى ذلك في الامور الظنية وأكثر المسائل
---
(1) آه لو كان كل ذلك يتحقق ! (*)
--- [ 105 ]
Shafi 104