91

أدب الموعظة

أدب الموعظة

Mai Buga Littafi

مؤسسة الحرمين الخيرية

Lambar Fassara

الأولى ١٤٢٤هـ

Nau'ikan

يتناولوها على غير وجهها. وكانت خطب الرسول ﷺ جارية على هذا النحو؛ بحيث يستوي في فهمها الطبقات المختلفة دون أن يجدوا فيها ما ينبو عنه الفكر، أو يحار فيه العقل١. ولقد كان الصحابة ﵃ يراعون هذا الأدب لحكيم؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس ﵄ قال: "كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال لو رأيت رجلا أتى أمير المزمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا؛ فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة، فتمت. فغضب عمر ثم قال: إني - إن شاء الله - لقائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين! لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم؛ فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها؛ فأمهل حتى تقدم المدينة؛ فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكنا، فيعي أهل العلم مقالتك، ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة"الحديث٢. ومما يحسن في هذا الصدد أن يبتعد عن مواطن الخلاف؛ فإن ذكره قد لا

١ انظر: محمد رسول الله، ص ١٨٧. ٢ البخاري٦٨٣٠.

1 / 93