ففرك فهيم يديه، وهو يقول: يلوح لي أن المشروع ناجح من كل وجه يا جورجي. - نعم، كل المشروعات ناجحة إن شاء الله. - ماذا عندنا غير مشروع دعد؟ - مشروع هيفاء. - هل عثرت عليها؟ - كلا، وإنما دبرت تدبيرا آخر. - ما هو؟ - علمت أن الكاهن أمبروسيوس ولي أمرها بموجب وصية شرعية من أهلها، فهل تعرفه؟ - لا، لم أر وجهه. - وهل يعرفه جميل مرمور؟ - لا، لا أظن، فما هو تدبيرك الآخر؟ - فاوضت الكاهن أمبروسيوس بأمر زواجك من هيفاء، وأقنعته بأنك خير عريس لها. - فهل رضي؟ - قال أن لا مانع عنده إذا كان يستطيع إقناع الفتاة، فأخبرته أن الفتاة تقتنع إذا كنت أنا أخاطبها بالأمر، وتكفلت له بذلك. - حسن جدا، فهل أراك الفتاة؟ - لا، بل قال: إنه يود أن يجتمع بك كي يخاطبك بالأمر أولا، ويتفق معك عليه. - حسن، مرحبا به، ماذا يريد؟ - متى اجتمع بك يقول لك، ولكني فهمت منه أنه لا يريد أن تتداخل خالة الفتاة بالأمر، بل لا يريد أن يرى وجهها ولا أن ترى وجهه. - لن تدخل نديمة هذا المنزل قط إذا كان دخولها يعرقل المسألة. - نعم، الأفضل أن تبقى بعيدة؛ لأني علمت أن الفتاة نفسها تنفر منها جدا. - حسن، لا حاجة لنا بنديمة، متى يأتي الأب أمبروسيوس؟ - غدا مساء إذا شئت. - أنتظره هنا. - نعود إلى مسألة دعد، متى تنجزها؟ - غدا إن شاء الله، والدكتور وعدني أن يأتي الليلة، وسآخذ منه التعليمات اللازمة. - والدواء أيضا، دعه يأت به؛ لأنك أنت لا تقدر أن تحصل عليه. - طبعا هو يهيئ الدواء.
وتد الفخ
في مساء اليوم التالي كان الأب أمبروسيوس وجورجي آجيوس عند فهيم رماح، ودار بينهم الحديث التالي.
فقال الأب أمبروسيوس: فهمت من ولدنا جورجي يا فهيم بك أنك تريد هيفاء زوجة. - نعم، وستكون شريكتي في سعادتي إن شاء الله، فلماذا تمسكها عني يا أبانا؟ هل عندك لها عريس أفضل؟ - لا، وإنما أنا ولي أمرها بموجب وصية من جدها؛ إذ لا أب ولا أم لها؛ ولهذا أود أن أضمن راحتها وسعادتها قبل زواجها، وإلا فأكون مقصرا بحق الوصاية. - لك كل الحق يا أبانا، فهل عندك اعتراض على زواجي منها؟ - كلا، وإنما لي بعض الطلبات. - إني مستعد لتلبية كل طلب، فماذا تطلب؟ - حسن، أطلب مهرا للفتاة. - متى صارت زوجتي كان كل مالي لها بحكم الطبع. - الأمر مفهوم، ولكن الفتاة مع حداثتها تفهم مصلحتها جيدا، فهي تخاف أن تكون لها شريكات في سعادتها معك.
فاختلج فهيم بك، وقال: نحن النصارى لا نستطيع أن نتزوج إلا واحدة، فلماذا هذا الخوف؟
فضحك الأب أمبروسيوس، وقال: والزوجات غير الشرعيات؟
فامتقع لون فهيم بك، ونظر في جورجي فقال هذا: إن أبانا يعرف طيش الشباب ويعذر، فما هو مؤنب الآن وإنما هو يود أن يحفظ حقوق الفتاة، فلا تلمه. - ولكن لن يكون عندي زوجات شرعيات ولا غير شرعيات إلا هيفاء.
فقال الأب أمبروسيوس: لا نقدر أن نحصل على ضمانة لذلك، ولا نطلب ضمانة له، وإنما نطلب ضمانة لراحة الفتاة. - حسن، ماذا تريد؟ - نريد أن نعطي الفتاة مبلغا من المال تضمن به راحتها في المستقبل إن حدث ما يقلق راحتها ويحرمها هناءها. - هذا أمر سهل جدا، فإني أقدم لهيفاء كل ما تطلب؛ لأن كل ما هو لها وما هو لي سيكون لكلينا معا. - إذن تضع في البنك ثلاثين ألف جنيه باسمها.
ففكر فهيم بك وقال: إنه مبلغ كبير. - ليس كبيرا على من ستكون زوجتك، وما هو لها سيكون لك ولأولادكما. - ما قولك إذا كنت أهبها منزلين بهذه القيمة؟ - بل تضع لها القيمة في البنك، وهي تشتري بها منزلين، أو عزبة، أو ما تروم. ويبقى كل ذلك تحت وصايتي إلى أن تبلغ الفتاة سن الرشد، ويصير لها حق التصرف بمالها، فأسلمها ملكها تسليما شرعيا، وبعد ذلك يكون شأنها معك وشأنك معها.
ففكر فهيم هنيهة ودنا من الأب أمبروسيوس، وأسر له قائلا: لك مني خمسمائة جنيه، واترك هذا الموضوع.
Shafi da ba'a sani ba