وكان الفتى بطل روايتنا يوسف براق، أما الفتاة فكانت ليلاه، ولكنه لم يعرفها إلا وهي تستقل المركبة، فتراجع إلى الوراء كأنه استكبر أن تعلم بوجوده هناك في تلك اللحظة، ولكن الظروف ساقته إليها كأن الأقدار تمهد الطريق لإيجاد علاقة بينه وبين الفتاة.
بارقة أمل
في ذلك المساء نفسه عاد يوسف إلى حي الأزبكية.
وفيما هو قادم إلى سبلندد بار شعر بيد تقبض على ذراعه، فالتفت فرأى صديقه نجيب المراني، وهو يقول له: إني أبحث عنك.
فبغت يوسف قائلا: لماذا؟ - تعال نجلس ونتكلم.
فجلسا وقال نجيب: أستغرب يا صاح أنك لم تعد تزورنا قط مع أني كنت أنتظر زيارتك لكي أقوم بخدمة لك، ولكن يلوح لي أنك تريد أن تستغني عن خدم أصدقائك.
فابتسم يوسف مكفهرا قليلا، وقال: بل بالعكس لا غنى لي عن فضل أصدقائي، ولكني لا أريد أن أثقل عليهم. - إلى الآن لم تثقل بأمر، وليس في خدمتك خسارة كبيرة ولا صغيرة، فأرجو أن لا تبالغ في تجنب ما تحسبه تثقيلا، إلا إذا كنت أنت لا تريد أن يثقل عليك صديقك بأمر. - بل أود أن أستطيع خدمة لكل صديق. - علمت أنك تركت الخدمة في البنك الأميركاني. - من أبلغك ذلك؟ - الذي بشرني بأنك استخدمت في ذلك البنك. - من؟ - عمي بولس.
فاكفهر يوسف وسكت، فاستأنف نجيب الكلام قائلا: إني أستغرب أن قدمك لم ترسخ هناك مع أن البنك جديد، وأشغاله تتسع يوما فيوما، ولا غنى له عن مستخدمين جدد، ولمثلك مستقبل كبير فيه. - ماذا قال لك عمك عن سبب تركي البنك؟ - لم يعلم عمي حقيقة السبب، ولا درى بالأمر إلا بعد وقوعه، والآن هل وجدت شغلا؟ - كلا، ولم أزل أبحث عن شغل. - لقد وجد عمي وظيفة موافقة لك في مصلحة التنظيم، وأوصى بك صديقنا سليم أفندي هيزلي الموظف هناك، وهو صاحب نفوذ وفي وسعه أن يضمن تعيينك في الوظيفة، وهاك بطاقة من عمي لهيزلي أفندي، فاذهب إليه وإني أرجح أنك تنال الوظيفة.
فتناول يوسف البطاقة وقرأ فيها ما يأتي:
عزيزي سليم أفندي هيزلي، حامل هذه البطاقة يوسف أفندي براق الذي أوصيتك به، وقد جمع المعرفة الواسعة والعقل الراجح والقلب الطيب، ومتى قابلك يبرهن لك على صدق قولي، فإذا كنت تساعده بكل قوتك تكون قد قلدتني جميلا عظيما.
Shafi da ba'a sani ba