فاختلج كل من جورجي ويوسف، وسطت عليهما بهتة عقلت لسانيهما، وكانا ينظران كل منهما إلى الآخر كأن أعينهما تتخاطب، فاستغربت ليلى بهتتهما، وبعد هنيهة قالت: أستغرب دهشتكما، فهل في الأمر سر أجهله وتعلمانه؟
فقال جورجي: نعم، هل كانت أمك تدعى سارة؟ - نعم هي سارة أخت حبيب الهيزلي، فهل تعرفها؟ - نعم أعرف فتاة بهذا الاسم معرفة سطحية كانت تربي ابن الأمير إبراهيم الخزامي، ولكني لم أعرف إلى من تنتسب. - إذن تعرف الأمير إبراهيم. - نعم، ولكن ... - ماذا؟ - أخاف أنه لم يبق لك من المائة ألف جنيه شيء يا ليلى. - لماذا؟ - لأن جدك غير الشرعي أوصى بثروته لاثنين. - من هما؟ - هما ابنا ابنه خليل الخزامي، وهذه هي الوصية.
ودفع جورجي الوصية التي كانت مع الكاهن أمبروسيوس إلى ليلى فقرأتها مبهوتة، وبعد أن انتهت منها قالت: وهل وجد الكاهن هذين الأخ والأخت؟ - نعم وجدهما هنا في ... - أين هما؟ - أحدهما هنا معنا.
فانتفضت ليلى ونظرت في يوسف مبهوتة كأنها لا تستطيع كلاما، فقال يوسف: يسرني جدا يا ليلى أن أكون ابن عمك لحما ودما.
فقالت ليلى: وهل كنت تعرف أنك الأمير يوسف الخزامي؟ - لقد أنكرت الإمارة يا ليلى؛ لكيلا تنحط روحي بالماديات العالمية المتسفلة. - أكنت وأنت أمير تحب ابنة زنى تتشبث بالماديات لتنكث العهد الروحاني؟ - إنك ابنة عمي يا ليلى في الجسد، وكلي بالروح.
وما تمالك يوسف أن طوقها بذراعه وقبلها أول قبلة كانت أطهر القبلات، التي أذنت السماء بها لأهل الأرض، وقال لها: قبلي عمك خليلا يا ليلى، قبليه.
فاستولت على ليلى دهشة كادت تذهب بلبها، وكانت عينا جورجي مغرورقتين، فلم يتمالك أن طوق ليلى بذراعيه قائلا: لا تضني على عمك بقبلة يطهرك بها من رجس أبيك.
وهنا ارتمت ليلى على جورجي وعانقته، فقبل خدها وقبلته وهما يمزجان الدمع بالدمع.
وبقي الثلاثة يتلاثمون بضع دقائق ودم القرابة فائر فيهم متدفقا، كأنه يريد أن يتمازج تمازج العواطف الثائرة فيهم، ثم جعلوا يروون تفاصيل الحوادث القديمة التي شتتت الشمل، ثم الحوادث الأخرى التي جمعته، وما ارفض ذلك الاجتماع النادر المثال حتى خيم الغسق، فودعتهما ليلى على أمل اللقاء القريب لتقرير الحياة المستقبلية.
تتمة التاريخ
Shafi da ba'a sani ba