Littafin Dabi'un Likita
كتاب أدب الطبيب
Nau'ikan
القول فى الأعراض النفسانية
ومن الواجب على الطبيب أيضا أن يعلم ما الأعراض النفسانية، وكم أصنافها، وعماذا تحدث فى كل صنف منها. فإنه، إن لم يعلم ذلك، لم يقدر على حفظ الطبيعى منها، ولا على نفى ما ليس بطبيعى. وقبل جميع ذلك، يجب أن يعلم أن للإنسان قوة يميز بها ويفكر، وقوة أخرى يغضب بها ويحرد، وقوة ثالثة يشتهى بها، ويشتاق إلى اللذات، وأن هذه الثلاث قوى بها يتم للإنسان حركاته وأفعاله. والقدماء يسمونها قوى نفسانية، لأنهم وجدوا الأخلاق، والعوارض النفسانية، أنواعا لهذه الثلاثة الأجناس من قوى النفس.
وأيضا ينبغى أن يعلم ما الذى يريد القدماء بقولهم «عارض». ولأن جالينوس قد شرح ذلك، وبينه، فيجب أن أحكى قوله بلفظه. قال جالينوس: إنه متى مادامت نفس الإنسان باقية على حالها، فتلك الحالة لها كالسكون والهدوء. فإن تغيرت حالها، توهمنا ذلك التغير كالحركة لها. ولأن الحركة منها ما يكون من نفس المتحرك، ومنها من قبل غيره، سمينا الحركة التى تكون من نفس المتحرك فعلا، وسمينا الحركة التى تلحقه من قبل غيره عارضا. والمثال فى ذلك أنه، إن أخذ 〈إنسان〉 شيئا، فنقله من موضعه إلى موضع آخر، كانت حركة اليد فعلا لذلك الإنسان وليده، وكانت حركة الشئ عارضا للشئ. وهذا حكم الفعل والعارض فى حركة المكان. وأما فى التغير، فإنه متى سخن بدن إنسان، من نار، أو من حر الشمس، كانت السخونة عارضة للبدن، والإسخان فعل الشئ الذى أسخن.
Shafi 55