Littafin Dabi'un Likita
كتاب أدب الطبيب
Nau'ikan
وإذا تدبرنا ما أمرنا به بقراط بأفكارنا، علمنا أن الماء عظيم النفع فى حفظ الصحة، إذا كان موافقا، وعظيم المضرة، إذا كان غير موافق. ولا يقدر على تمييز ذلك، وتحصيله، أكثر مما ميزه القدماء، وأشدهم تحصيلا لذلك بقراط. فاستمع لتعليمه، واعن بحفظه، لتصل إلى بغيتك فى صناعة الطب!
قال بقراط: وأريد أن أخبر عن سائر المياه، ما كان منها أقربها إلى إحداث الصحة. وأنا واصف ما يجب أن يحدث عن الماء من الآفات، وما يحدث عنه من الماء المالح. وذلك أن حظ الماء فى المعونة على الصحة عظيم جدا، فأقول: إنه ما كان من المياه آجاميا قائما وغائضا، فيجب ضرورة أن يكون فى الصيف حارا، غليظا، ذا رائحة، من قبل أنه لا يجرى فينفد، لكنه لما كان الماء المطر لا يزال يمده دائما، فلا تزال الشمس تحرقه، وجب ضرورة أن يكون حائل اللون، وديئا، مولدا للمرارة، وأن يغلب عليه فى الشتاء الجمود، والبرد، والكدورة، من قبل الثلوج، والجمد، حتى تكون هذه المياه أقرب إلى توليد البلغم، وأولاها بإحداث البحوحة، وأن تحدث لشرابها دائما أطحلة عظيمة صلبة.
ثم قال بعد: فالأمر عندى فى هذه المياه أنها رديئة فى جميع الأمور. وقال: ثم من بعد هذه المياه التى ينابيعها من مواضع صخرية، وذلك أنه يجب ضرورة أن تكون هذه المياه خشنة، وكذلك المياه التى تنبع من أرض فيها مياه حارة، أو يتولد فيها حديد، أو نحاس، أو فضة، أو ذهب، أو كبريت، أو شب، أو بورق، فإن هذه كلها إنما تتولد عن حصر الحرارة. فليس يمكن أن يتولد عن هذه الأرض مياه صالحة ، لكنها يجب أن تكون خشنة، ملهبة، عسرة الدور بالبول، ممانعة لانطلاق البراز.
وقال: وأفضل المياه هى الجارية من مواضع مشرفة عالية، ومن جبال مدرية. فإن تلك المياه مياه عذبة صافية، والذى تحتمله من الخمر قليل، وتكون فى الشتاء حارة، وفى الصيف باردة. فإنها إذا كانت كذلك، كانت من أبعد الينابيع غورا.
Shafi 45