يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» . [رواه البخاري وابن ماجه «١» وغيرهما] .
من الناس من يقترض الأموال لحاجة من حاجته. عازما على أدائها في الموعد المضروب، أو حين يقع في يده مال، فهذا يؤدي الله عنه ديونه فيفتح له من أبواب الرزق ما لم يكن يحتسبه مكافأة على نيته الصالحة، وعزمه المحمود، على أن لتلك الإرادة أثرا في اكتساب الرزق فإنها لا تزال بصاحبها تدفعه إلى تلمس أبواب المكاسب، والبحث عن طرق المال، حتى يهتدي إليها، ويؤدي ديونه ومثل هذا من يشتري من التجار طعامه وشرابه وحاجياته الآخرى، أو بضاعة يتجر فيها إلى أجل وليس بيده ما يدفعه نقدا. فإن عزم على الأداء والوفاء يسّر الله له المال حتى يوفي بما عاهد.
أما من استقرض أو اشترى شيئا دينا أو طلب إلى الناس أن يودعوه أموالهم، أو استعار، أو استأجر عينا عازما على الجحود والإنكار. أو الإتلاف والإهلاك فإن الله تعالى يتلفه؛ فيوقعه في خبث نيته وسوء طويته، ويفتح له من أبواب النفقات ما يذهب بماله، طارفه وتليده «٢»، أو يسلط عليه من البلايا والمصائب ما يستأصل ملكه، أو يرسل إليه جيشا من الأمراض الفتاكة يعمل في نفسه وأهله وولده ما يحرمهم لذة الحياة ونعيمها إلى عذاب في الآخرة شديد. وهل رأيت أكرمك الله من اغتنى وتنعم في مال غيره المغضوب؟ ولئن ضحكت له الدنيا أياما أو سنين استهزاء به، واستدراجا له لهي كاشرة له عن أنيابها. ثم تلتهمه التهاما. أو تستلب ما كنز من أولاده وأحفاده استلابا: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «٣»، وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ «٤» فالنية الصالحة. والإرادة الصادقة لها أثرها في كسب المال. والهداية لسبله؛ والنية الخبيثة جائحة المال. ومبددة الثروة. والقاضية علي صاحبها بالفقر
_________
(١) رواه البخاري في كتاب: الاستقراض، باب: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها (٢٣٨٧) .
(٢) طارفه وتليده، الطارف: الحديث المستفاد من المال ونحوه وهو خلاف التالد، والتلاد: المال الأصلي القديم له، ويقصد يذهب كل ماله قديمه وحديثه.
(٣) سورة النمل، الآية: ٥٢.
(٤) سورة إبراهيم، الآية: ٤٢.
1 / 44