============================================================
كتاب أدب الملوك في يبان حقائق التصوف ضاقت قلوبهم خرجوا إليها لذكر الله عز وجل والتفرد في الفسحة، وأوطانهم خير البقاع وهي المساجد يرجعون إليها وهي مقام الذكر، فهم راجعون من ذكر الله إلى ذكر الله، وهم خيار عباد الله في جميع أحكامهم رضي الله عنهم.
(43) باب جلوس الصوفية م وأما جلوس الصوفية، فإن الصوفية معروفة بجلوسها حلقا كما كان يجلس أصحاب 6 الصفة رضي الله عنهم ، ويروى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال : كنا في عصابة من المسلمين وإن بعضنا ليستتر ببعض من العري، ومعنا قارئ يقرأ لتا، فخرج رسول الله فقال : ما كنتم تصنعون؟ قلنا : كان قارئ يقرأ علينا فلما رأى سكت ، فأوما النبي أن تحلقوا ! فتحلقنا ، ثم قال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني ربي أن أصبر معهما ثم قال: آبشروا معاشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم: فقد أمر النبي أصحابه وأومأ إليهم بالجلوس حلقا، فوافقهم الصوفية في جلوسهم، ثم آشاروا في ذلك إشارات، وذلك آنهم يشيرون في الجلوس إلى الائتلاف والمحبة والمشابكة والوضلة وإلى حقيقة الجمع ونفي التفرقة، إذ المؤمنون كجسد واحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا، وجلوس الصوفية حلقا لموافقة جمع الهمة لأنهم حين جلسوا حلقا صار (96) كل واحد مقابل آخيه لئلا يحتجب عن رؤته، فصاروا بأجمعهم متقابلين، وإن سكن بعضهم إلى بعض، فكل واحد إلى صاحبه ظاهرا وباطنا لئلا يقطع الشيطان مشابكتهم أو يدخل فيما بينهم ، وفي ذلك من الأثر عن النبي علت حين أمر باستواء الصفوف في الصلاة وسد الفرجة من بينهم لدخول الشيطان فيما بينهم، فإشارة الصوفية في ذلك إلى حقيقة الاجتماع في الظاهر والباطن، وجلوسهم موافقة للأثر 21 والسنة.
1) جلوسهم: جلوسها ص ..
Shafi 61