============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف فالصبر حبس النفس عن الحظوظ والوقوف في ميادين البلوى، فالصوفية في ميدان البلوى يجولون ، لأنهم حين ادعوا المعنى ابتلوا ، وذلك أن الله عز وجل أبلى المؤمنين وامتحنهم وفتنهم ليستخرج منهم قائق الإيمان بالرضى والصبر في الباساء والضراء، قال الله عز وجل : أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} ، فأبان الله عز وجل للمدعي الإيمان افتانه ، وأن حقيقة الإيمان الصبر على الشدائد بحقائقها، ثم قال الله عز وجل : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليغلمن 6 الكاذبين}، فصدق المؤمنين تبين عند نزول البلوى والمصائب والضير والبؤس .
وخصوصية الصوفية في الصبر في فناء النفوس تحت أحكام الحق، لأنهم حين أشاروا إلى الحق ادعوا، وحين ادعوا ابتلوا ، لأن الدعوى مقرونة بالبلوى، والصوفية للبلاء خلقوا، وفي البلاء ربوا، وفي البلاء عيشهم، وفي البلاء سيرهم ، ومن البلاء نطقهم ، وفي البلاء وجودهم ، وإلى البلاء قصدهم ، والبلوى اختيارهم لأتهم وجدوا الله عز وجل اختبر أولياءه وأصفياءه فقال عز وجل: { ولنبلونكم حتى تعلم المجاهدين منكم 12 والصابرين}.
فأهل التصوف صبروا على البلوى واختاروها لأنهم يحتملون الكل بمشاهدة الحق، إذ يقول الله عز وجل: (47) واضبر لحكم ريك فإنك بأعيتنا}، فشاهدة الحق15 أخذتهم عن مرارات التصبر وتجرع الصبر وجوعه، فيعيشون تحت عزيز اختياره ولطيف اختباره : والله عز وجل يختبر أولياءه بمقدار تفاوت معارفهم وقوة يقينهم، ثم يختارهم 18 بكريم اصطفائه وجليل اختباره، فلذلك هم آشد الناس بلاء بعد النييين والمرسلين، وقد قال النبي : أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.
فأهل التصوف افترقوا في احتمال البلوى واختيارها : فمنهم من لا يختار البلوى ولكن 12) ولنبلوتكم : لنبلونكم ض.
4) القرآن الكريم 2/29.
6) - 7) القرآن الكريم 3/29.
12) - 13) القرآن الكريم 31/47.
15) القرآن الكريم 48/52.
20)- 21) المعجم الفهرس 80/3.
Shafi 43