============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف الميزان وقلة الحساب.
ثم يختلف في المعاني والأحكام ، فزهد الصوفية فيما يشغلهم عن الله عز وجل، لأنهم زهدوا في الدنيا لموافقة السنة، وزهدوا في النفوس للحق فتركوا الحظوظ والشهوات 3 وانفردوا عن الأشياء بالزهد فيها تعززا، فلا يليق بهم شيء ولا يليقون بشيء.
وسئل الشبلي رحمة الله عليه عن حقيقة الزهد، فقال : إن الزهد فيما سوى الله ، فأهل التصوف افترقوا في معاني الزهد، وارتقوا في إشارته، وعلوا في معانيه، وقطعوا بحقيقته عن جميع عوارض المعائش وما يقوم به آبدان سائر خلق الله من المطعوم، فإنهم على مراتب وطبقات : فهم من زهد في الدنيا ورضي منها بالبلغة وستر العورة، ومنهم من اختصر واقتصر واقتصد ورضي بجوع يومين وشبع يوم، ومنهم من رفع لنفسه معلومات الأقوات ومرسومات الأوقات (19) وأكل عند الضرورات ، ومنهم من أخذ من الدنيا بقدر ما أحل الله عز وجل للمضطر من الميتة، ومنهم من ارتقى في الإشارة وقواه الله عز وجل بحقيقة الزهد فلم يأكل طعام الآدميين من الخبز وغيره إلى المات .
هكذا حكي عن بعض أصحابنا أنه رأى من نفسه شرها ، فعاهد الله تعالى أن لا يأكل الخبز في الدنيا ، فلم يأكل سنين حتى مات، وحكي عن أبي عبد الله المغربي أنه لم يأكل ثلاثين سنة إلا من بقول الأرض، ولم يشرب إلا من ماء العيون ، قال : وأخبرني ابن شيبان آبو إسحق يقول : وآقمت على قبره ثلاث سنين، قال : فبعد ثلاث سنين نمت عند قبره فرأيته في النوم فسألته شيئا فأجابني وامرني آن أعود إلى بلدي، فرجعت إلى قرميسين بإذنه ، وأخبرني بذلك أبو بكر الطرسوسي، حدثنا ابراهيم بن شيبان عن آبي 18 عبد الله فجميع ما يشغل عن الله عز وجل فهو الدنيا، وسئل الجنيد عن الدنيا ما هي؟
فقال : ما دنا من القلب فشغل عن الله فهي الدتيا، وقال بعضهم : ما دنا من النفس 21 للتفس فهي الدنيا، وقال بعضهم: ما دنا لشغل فهي الدنيا، وقال بعضهم : ما تعلق به العبد غير الله عز وجل فهي الدنيا ، فالزهد رفع الأطماع ونفي الأطباع وصدق الادفاع ، ومن تعلق بشيء فقد وكل إليه لقوله : من تعلق بشيء وكل إليه، ومن حقيقة الزهد 24 21) حلية الأولياء 274/1، 43، طبقات الصوفية (أصاري) 110، 4، 54516 60623 24) المعجم المفهرس 312/4.
ن ..
Shafi 17