وقد بلغنا عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ﵀: إنه ادعى هذه الصفة لأئمة أصحابنا، فحكى عن أصحاب مالك، وأحمد، وداود١، وأكثر أصحاب أبي حنيفة٢، ﵏ أنهم صاروا إلى مذاهب أئمتهم تقليدًا لهم٣. ثم قال: الصحيح الذي ذهب إليه المحققون ما ذهب إليه أصحابنا، وهو أنهم صاروا إلى مذهب الشافعي ﵀ "تعالى"٤، لا على جهة التقليد له، ولكن لما وجدوا طريقه في الاجتهاد والفتاوى أسد الطرق، وأولاها، ولم يكن لهم بد من الاجتهاد سلكوا طريقه في الاجتهاد، وطلبوا معرفة الأحكام بالطريق الذي طلبها الشافعي به "رحمه الله تعالى"٥.
قلت: وهذا الذي حكاه عن أصحابنا واقع على وفق ما رسمه لهم الشافعي، ثم المزني٦ في أول "مختصره"، وفي غيره، وذكر الشيخ أبو علي السنجي٧ شبيهًا
_________
١ هو "أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني، الإمام المشهور بالظاهري قال ابن خلكان: كان زاهدًا متقللا كثير الورع، وكان صاحب مذهب مستقل، وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية. توفي سنة سبعين ومائتين"، ترجمته في تاريخ بغداد: ٨/ ٣٦٩، طبقات الشيرازي: ١٧٦، وفيات الأعيان: ٢/ ٢٥٥، تذكرة الحفاظ: ٢/ ٥٧٢.
٢ هو "الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه الكوفي، كان عالمًا عاملا زاهدًا عابدًا ورعًا تقيًّا، مناقبه وفضائله جمة، توفي ببغداد في السجن لِيَلِيَ القضاء فلم يفعل، سنة خمسين ومائة"، ترجمته في تاريخ بغداد: ١٣/ ٣٢٣، الجواهر المضية: ١/ ٢٦، تذكرة الحفاظ: ١/ ١٦٨، العبر: ١/ ٢١٤.
٣ في ف وج "بتقليد لهم".
٤ من ف وج.
٥ من ج وش.
٦ هو "أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني، كان زاهدًا عالمًا مجتهدًا، وهو إمام الشافعيين وأعرفهم بطرقه وفتاويه، وما ينقله عنه، توفي سنة أربع وستين ومائتين بمصر". ترجمته في المؤلف للدارقطني: ٢١٩٠، طبقات الشيرازي: ٩٧، وفيات الأعيان: ١/ ٢١٧، طبقات الشافعية الكبرى: ٢/ ٩٣.
٧ هو "أبو علي الحسين بن شعيب بن محمد السنجي، من قرية سنج، بكسر السين المهملة بعدها نون ساكنة ثم جيم، وهي من أكبر قرى مرو، فقيه العصر، وعالم خراسان، وأول من جمع بين طريقتي العراق، وخراسان، توفي سنة ثلاثين وأربعمائة"، ترجمته في البداية والنهاية: ١٢/ ٥٧، طبقات الشافعية الكبرى: ٤/ ٣٤٤.
1 / 92