الإنسان منصب الفتوى والاجتهاد في بعض الأبواب دون بعض فمن عرف القياس وطرقه وليس عالمًا بالحديث فله أن يفتي في مسائل قياسية يعلم أنه١ لا تعلق لها بالحديث، ومن عرف أصول المواريث وأحكامها جاز أن يفتي فيها، وإن لم يكن عالمًا بأحاديث النكاح، ولا عارفًا بما يجوز له الفتوى في غير ذلك من أبواب الفقه.
قطع بجواز هذا٢ الغزالي٣، وابن برهان٤، وغيرهما٥. ومنهم من منع من ذلك
_________
= "ب": المذهب الثاني المنع من التجزئة؛ وهو المنقول عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى والإمام الشوكاني، وملاخسرو من الحنفية، والعلامة الفناري.
انظر: "المرآة" لملاخسرو: "٢/ ٤٦٧-٤٦٨"، و"إرشاد الفحول" للشوكاني: "٢٢٤-٢٢٥"، و"فصول البدائع" للفناري: ٢/ ٤٢٥، "مسلم الثبوت" وشرحه "فواتح الرحموت: ٢/ ٣٦٤.
"ج": المذهب الثالث: جواز الاجتهاد في مسائل الميراث وحدها: ومن أصحاب هذا المذهب ابن الصباغ من الشافعية. انظر "المجموع": ١/ ٧٧ و"إعلام الموقعين" لابن القيم: ٤/ ٢١٦.
ومذهب تجزيء الاجتهاد هو مذهب أكثر العلماء نص عليه الغزالي، والرازي والرافعي من الشافعية، وصححه ابن الصلاح والنووي، وابن السبكي، واختاره ابن دقيق العيد، وهو مذهب الحنابلة والظاهرية انظر: المستصفى: ٢/ ٢٥٣، نهاية السول للأسنوي بهامش التقرير: ٣/ ٢٩٣، المجموع للنووي: ١/ ٧٧، وإرشاد الفحول: ٢٥٥، الأحكام لابن حزم: "٥/ ٦٩٤-٦٩٥"، جمع الجوامع لابن السبكي: ٢/ ٢٤٥، الإحكام للآمدي: ٤/ ٢٢١.
١ في ش "أنها".
٢ في ف وج "ذلك".
٣ هو "الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، قال الذهبي: وصنف التصانيف مع التصون والذكاء المفرط، والاستبحار من العلم، وفي الجملة: ما رأى الرجل مثل نفسه، توفي سنة خمس وخمسمائة"، ترجمته في إتحاف السادة المتقين للسيد مرتضى الزبيدي: ١/ ٦، البداية والنهاية: ١٢/ ١٧٣، تاريخ دمشق لابن الوردي: ٢/ ٢١، العبر: ٤/ ١٠، وكتب عنه الأخ الأستاذ المحقق الدكتور علي محيي الدين علي القره داغي كتابة وافية في مقدمة تحقيقه لكتاب "الوسيط في المذهب" للإمام الغزالي.
٤ هو "أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد بن برهان الأصولي. وبرهان بفتح الباء الموحدة، قال السبكي: كان حاذق الذهن، عجيب الفطرة، لا يكاد يسمع شيئًا إلا حفظه، وتعلق بذهنه. توفي سنة ثمان عشرة وخمسمائة"، ترجمته في البداية والنهاية: ١٢/ ١٩٤، طبقات الشافعية الكبرى: ٦/ ٣٠، مرآة الجنان: ٣/ ٢٢٥.
٥ المجموع: ١/ ٧٧، وتقدم ذكر مراجع تجزيء الاجتهاد في أول الفقرة.
1 / 90