وجاء عن أبي سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي، الملقب بسحنون إمام المالكية، وصاحب "المدونة" التي هي عند المالكيين ككتاب "الأم" عند الشافعيين أنه قال: "أشقى الناس من باع آخرته بدنياه"، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره.
قال: ففكرت فيمن باع آخرته بدنيا غيره، فوجدته المفتي يأتيه الرجل قد حنث في امرأته ورقيقه، فيقول له:
لا شيء عليك، فيذهب الحانث فيتمتع بامرأته ورقيقه. وقد باع المفتي دينه بدنيا هذا"١.
وعن سحنون: أن رجلا أتاه، فسأله عن مسألة فأقام يتردد إليه ثلاثة أيام، فقال له مسألتي أصلحك الله لي٢ اليوم ثلاثة أيام؟
فقال له: وما أصنع لك يا خليلي؟ مسألتك معضلة٣، وفيها أقاويل، وأنا متحير في ذلك.
فقال له: وأنت أصلحك الله لكل معضلة.
فقال له سحنون: هيهات يابن أخي ليس بقولك هذا أبذل لك لحمي ودمي إلى النار٤، ما أكثر ما لا أعرف، إن صبرت رجوت أن تنقلب بمسألتك، وإن أردت أن تمضي إلى غيري فامض تجاب٥ مسألتك في ساعة؟
فقال "له":٦ إنما جئت إليك ولا أستفتي غيرك.
_________
١ صفة الفتوى: ١٠.
٢ ساقطة من ف وج، وفي الأصل كأنها "إلى".
٣ في ف وج "معضلة فقال له سحنون: وفيها".
٤ إلى هنا في "صفة الفتوى": ١٠.
٥ في الأصل وش: "في مسألتك".
٦ من ف وج وش.
1 / 81