قال: "جاء رجل إلى مالك بن أنس يسأله عن شيء أيامًا ما يجيبه، فقال: يا أبا عبد الله إني أريد الخروج، وقد طال التردد إليك؟
قال: فأطرق طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: ما شاء الله يا هذا، إني إنما أتكلم فيما أحتسب فيه الخير، ولست أحسن مسألتك هذه"١.
ورُوي عن الشافعي ﵁: "أنه سئل عن مسألة، فسكت، فقيل له ألا تجيب رحمك الله؟ فقال: حتى أدري الفضل في سكوتي، أو في الجواب"٢.
وروينا عن أبي بكر الأثرم٣، قال: "سمعت أحمد بن حنبل يستفتي فيكثر أن يقول: لا أدري، وذلك فيما قد عرف الأقاويل فيه"٤.
وبلغنا عن الهيثم بن جميل٥، قال: "شهدت مالك بن أنس سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري"٦.
وعن مالك أيضًا: "أنه ربما كان يسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة
_________
١ الحلية: ٣/ ٣٢٣، صفة الفتوى والمفتي: ٨.
٢ صفة الفتوى والمفتي: ١٠.
٣ هو "الحافظ الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ، الأثرم الطائي البغدادي، قال إبراهيم الأصبهاني: كان أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن، توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قاله ابن قانع". ترجمته في: تاريخ بغداد: ٥/ ١١٠، تذكرة الحفاظ: ٢/ ٥٧٠، تهذيب التهذيب: ١/ ٧٨.
٤ الفقيه والمتفقه: "٢/ ١٧٤-١٧٥"، صفة الفتوى والمفتي: ٨.
٥ هو "الحافظ أبو سهل الهيثم بن جميل البغدادي، وثقه أحمد والعجلي، والدارقطني، توفي سنة ثلاث عشرة ومائتين". ترجمته في: تذكرة الحفاظ: ١/ ٣٦٣، ميزان الاعتدال: ٤/ ٣٢٠، العبر: ١/ ٣٦٥، التقريب: ٢/ ٣٢٦.
٦ الانتقاء: ٣٨، ترتيب المدارك: ١/ ١٤٦، سير أعلام النبلاء: ٨/ ٧٧، صفة الفتوى: ٨.
1 / 79