إن الداء القديم المقيم الذي يتوطن أقطار الشرق العربي هو الفقر، وهو الذي بعثني إلى الدعوة إلى الصناعة كي تثري الشعوب العربية، وليس الجهل والمرض، ثم الذل والهوان، سوى منتجات الفقر.
وإذن أقول: إن ذلك الأديب الذي لا يعرف علل الفقر والمرض والجهل لا يجهل الاقتصاد فقط وإنما يجهل الأدب.
وهذا الجهل هو الذي يحمله على أن يكتب عن أبي نواس وابن الرومي بدلا من أن يكتب عن الصناعة، والنقابات، وجمعيات التعاون، وعن الحب، والارتقاء، والشخصية، والحرية.
الأدب عنده لذة واستمتاع، وليس كفاحا وقلقا.
إن الأدب هو دراسة الإنسان في جملته.
وهذه العبارة تعني أن ندرس الإنسان في اقتصاده وأمراضه وثقافته واتجاهاته الذهنية والعاطفية وأهدافه المستقبلية.
والأدب العظيم ليس الذي يمتعك بنكتة من أبي نواس، وإنما هو الذي يبسط أمامك الثقافة؛ كي تدرس المواقف البشرية وتستخلص منها رسالة إنسانية تمحو الفقر والجهل والمرض، وتزيد الإنسان إنسانية، وتحيلنا إلى متمدنين لا نتساب ولا نهاتر ولا نمكر، ولا نؤلب العامة والغوغاء على المفكرين الأحرار. •••
ما هو أعظم ما يؤلفه المؤلف في الأدب؟
هو حياته، كيف عاش؟ كيف ارتزق؟ ما هي الأحزاب السياسية التي انضم إليها؟ ما هي الثقافة التي أثث بها ذهنه؟ ما هي علاقته بمجتمعه؟ هل سعى لخيره أم لضرره؟
بل ما هو كفاحه في هذه الحياة؟
Shafi da ba'a sani ba