صنيع الواعظ الحسن في قلوب المخلصين، وليس يستحق ذلك في حقيقة النقد إلا أني معجب به فقوله في نكبة أبي أيوب المورياني، ولعل استحساني إياه لموافقته شجنًا في نفسي في هذا الوقت:
لا ترى زاجرًا لهمِّ القلوب ... كالرضا بالموكَّل المكتوبِ
فاتق الله وارضَ بالقصد حظًا ... لا تسيلنَّ في سبيل الذنوبِ
لا يغرنَّك الذي غرَّ قومًا ... شربوا من حتوفهم بذنوببِ
طلعت شمسهم عليهم نهارًا ... وأتتهم نحوسهم بغروبِ
قد رأيت الذي أدالت ونالت ... وقعه الدهر من أبي أيوبِ
وعدنا إلى كلام ابن أدهم، وقوا ابن أدهم في تزييف المنطق والمشورة بالصمت نسيب لقولهم: أبلغ الصمت ما يكون الكلام شرًا منه، وكان حبيب بن أوس الطائي الشاعر يحكيعن أبي مسهر أحمد بن مروان الرملي النحوي قال: تكلم رجل في مجلس الهيثم بن صالح. فقال له الهيثم: يا هذا بكلام أمثالك رزق الصمت المحبه وقد أحسن الشاعر إذ قال:
سأهجر ما يخاف علي منه ... وأترك ما هويت لما خشيتُ
لسان المرء ينبي عن حجاه ... وعيُّ المرء يستره السكوتُ
ومثل البيت الأول قول جامع هذا التعليق:
أطعت العلى في هجر ليلى وإنني ... لأضمر فيها مثل ما يضمر الرندُ
صريمة عزم لم يكن من رجالها ... سوى من العشاق قبل ولا بعدُ
رأيت فراق النفس أهون ضيرةً ... عليَّ من الفعل الذي يكره المجدُ
وفي نحو من هذا الأقوال المخبرة عن التسلي قول المؤلف أيضًا:
1 / 74