أيها الناس! إنما لأحدكم نفس واحدة، إن نجت من عذاب الله، لم يضرها من هلك، وإن هلكت، لم ينفعها من نجا، فاحذروا -عافاكم الله- التسويف؛ فإنه أهلك من قبلكم، وإنكم لا تدرون متى تسيرون؟ ولا إلى أي شيء تصيرون؟ فرحم الله عبدا عمل ليوم معاده، قبل نفاد زاده.
وقال: أيها الناس! إن الله -عز وجل- بسط لكم صحيفة، وكل بكل رجل منكم ملكين كريمين، أحدهما عن اليمين، والآخر عن اليسار، وهو تعالى رقيب عليهما، فإن شاء قلل، وإن شاء كثر، إنما يملي كتابا {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا}، ولقد روي أنه لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا}، قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- نزلت -والله- قاصمة الظهور. فإذا قال ذلك أبو بكر، وقد شهد له بالجنة، فكيف يجب أن يكون قول من سواه؟ فاعتبروا -معشر المؤمنين- وكونوا على حذر؛ لعلكم تأمنون من عذاب يوم عظيم.
وكان يقول: ابن آدم! إياك والاغترار؛ فإنك لم يأتك من الله أمان؛ فإن الهول الأعظم والأمر الأكبر أمامك، وإنك لا بد أن تتوسد في قبرك ما قدمت؛ إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فاغتنم المبادرة في المهل، وإياك والتسويف بالعمل، فإنك مسؤول، فأعد للمسالة جوابا.
Shafi 122