قرأت على صخرة بجزيرة قبرس مكتوبا: يقول فلان بن فلان البغدادي: قذف بي الزمان إلى هذا
المكان. فهل نحو بغداد معاد فيشتفي مشوق ويحظى بالزيارة زائر
إلى الله أشكو لا إلى الناس، إنه على كشف ما ألقى من الهم قادر
وقال لي شيخ من أهل الكوفة: قرأت على ركن قبة أبي موسى التي عندها هاذين البيتين:
وليس الرزق عن طلب التمني ولكن إلق دلوك في الدلاء
تجيء بملئها طورا وطورا تجيء بحمأة وقليل ماء
وأخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي هذا الكتاب قال حدثني أخي قال:
اجتزت بنواحي بلد الروم مما يلي خرشنة، فاجتزت بمدينة حسنة البناء يحيط بها سور من حجر
أبيض تخالطه حمرة، ومياه تجري من عيون في داخل الحصن، وأشجار كثيرة الثمر، وظل ثخين
تحت شجرة جوز. فأعجبني الموضع، وجلست أحادث رجلا من أهل المدينة، يحسن العربية فقال:
كان طرأ إلينا شاب ذكر أنه من أهل العراق، حسن الوجه، نظيف الجملة، غزير الأدب. وكان لا
يفارقني. فأقام في بلدنا سنين، ثم مرض فعللته، وقمت بأمره، فلم يلبث أن مات. فحزنني ودفنته في
تلك القبة - وأومى بيده إليها - على قبلة الإسلام. وكان في مرضه كتب على الحائط من البيت الذي
كان فيه، ووصى أن يكتب على قبره، فقم لتقرأه. فإذا قد كتب على الحائط:
تعسفت طول السير في طلب الغنى فأدركني ريب الزمان كما ترى
فيا ليت شعري عن أخلاي هل بكوا لفقدي أم ما منهم من به درى
قال: فكتبت الأبيات وانصرفت من الموضع حزينا. وأتى أبو العتاهية باب عمرو بن مسعدة فحجب، فكتب إليه:
ما لك قد حلت عن وفائك واستبدلت يا عمرو شيمة كدره
إني إذا الباب تاه حاجبه لم يك عندي في هجره نظره
لستم ترجون للوفاء ولا يوم تكون السماء منفطره
Shafi 10