Adabin Yara: Gabatarwa Mai Gajarta
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
على مدار تاريخ أدب الأطفال، استخدم الكبار أدب الأطفال كوسيلة لتحفيز القراء على التفكير بطرق معينة، ولتقدير سلوكيات وأنشطة معينة، والابتعاد عن أشخاص معينين. ونظرا لأن هذا النوع موجه إلى جمهور شديد التأثر وفي مرحلة تكوين الشخصية؛ فمن الضروري الانتباه إلى الطبقات المتعددة - والمتعارضة أحيانا - للنشاط والتفكير الأخلاقيين اللذين تتم في أجوائهما عملية الكتابة للأطفال والشباب، علاوة على حقيقة أن الأطفال لديهم الآن أكثر من أي وقت مضى إمكانية الوصول إلى العديد من مصادر المعلومات والأفكار. تغير المعلومات المستقاة من شبكة الإنترنت والقنوات التليفزيونية الفضائية وألعاب الكمبيوتر ما يعرفه الأطفال على الأرجح - أو مروا به - عن أمور مثل العنف والجنس وإيذاء النفس والتنمر؛ مما يؤثر على نوعية الموضوعات التي يقدمها الكاتب للقراء وطريقة عرض وتقديم وتناول الموضوعات.
أدب الأطفال كوسيلة دعاية
لطالما أشار النقاد وغيرهم من الكبار المهتمين بأدب الأطفال إلى أهمية أن ينتبه من يكتبون للأطفال إلى أن لديهم واجب رعاية تجاه قرائهم، بمعنى أن يحرصوا على عدم إيذاء الأطفال عاطفيا (مثل تخويفهم بشدة أو حرمانهم من الأمل)، أو تعليميا (مثل تجنب تقديم معلومات خاطئة أو الوقوع في أخطاء نحوية ولغوية)، وهذا القلق يذكرنا بأنه في أدب الأطفال لا تكون العلاقة بين الكاتب والقارئ علاقة طرفين متساويين؛ بل إنها أيضا علاقة بين شخص بالغ وطفل. وقد يتضمن واجب «الرعاية» هذا للقارئ ممارسة التحكم بطرق لا تخدم مصلحة القراء الصغار. فمثلا، تقدم جاكلين روز (1984) رؤية لعلاقة الكبار بالأطفال في أدب الأطفال بأنها علاقة يغوي فيها الكتاب القراء الصغار ويوقعونهم في شراك بطرق تقلل من احتمالات تحديهم لسلطة الكبار. وعند التفكير في روايات الشباب تحديدا، تقول روبرتا سيلنجر ترايتس (2000) أيضا بأن أدب الأطفال يحاول احتواء قوة واستقلال الشباب من خلال التأكيد على خطورة تحدي الوضع القائم. وتشير ماريا نيكولاييفا (2009) إلى الطريقة التي يميل من خلالها أدب الأطفال إلى جعل فترة البلوغ هي العرف السائد الذي يتمرد عليه الأطفال بأنها طريقة غير سوية. وسواء أكانت هناك نسخة قياسية للنضج خلف الكتابة للأطفال أم لا، فلا شك أن الكبار قد استخدموا أدب الأطفال مرارا وتكرارا لنشر معلومات وترسيخ قيم لأسباب متعددة.
وقد أدركت الأنظمة الشمولية الإمكانات الهائلة لأدب الأطفال. على سبيل المثال، تماشيا مع التزام موسوليني بغرس بذور الفاشية في الشباب الإيطالي، كتب المنظر المستقبلي فيليبو توماسو مارينيتي «بيان حول أدب الأطفال» يحدد فيه كتاب الأطفال المثالي بأنه ذلك الكتاب الذي ينقل رسالة البطولة المطلقة والوفاء للأمة، ويروج للشجاعة الجسدية والعمل الدءوب وروح الحداثة والديناميكية وفقا لمبادئ الحركة المستقبلية. وبالمثل، رأى ماو تسي تونج أن أدب الأطفال وسيلة مهمة لترويج الفكر الشيوعي، وفي عام 1938، كتب بيانا مؤثرا في الجريدة الجديدة «أطفال المناطق الحدودية»، حث فيه الشباب على «النهوض» لتحرير أنفسهم من القمع الياباني وأن يتحولوا ليصبحوا «قادة العصر الجديد». وكذلك استخدم أدب الأطفال المكتوب بالإنجليزية في عمليات الدعاية؛ فكما حدث في إيطاليا والصين، وجد الشيوعيون في الولايات المتحدة أن الأطفال جمهور مهم بالنسبة لهم. ففي المجموعة القصصية «كتاب الرائد الجديد القصصي» (1935) نجد أن المقدمة التي كتبها ماكس بيداخت - الذي كان آنذاك الأمين العام للتنظيم العالمي للعمال - تقول إن أدب الأطفال لديه القدرة على تغيير حياة الأفراد وثقافات بأكملها:
إن قراءة هذه القصص ستساعدكم على فهم الحياة التي تنتظركم. وعندما تتعلمون أن تفهموا الحياة، ستتعلمون كيف يمكنكم تشكيل حياتكم. ولن تكونوا مجرد بيادق شطرنج يحركها القدر بأصابعه، بل ستصبحون أسياد أقداركم. لن تكونوا جزءا من التاريخ فحسب، بل ستصنعون التاريخ بأنفسكم.
عند تأمل هذه الكتابات من منظور عصرنا الحالي، قد تبدو لنا بسيطة وبدائية، لكن هذه الأمثلة توضح كيف استخدم أدب الأطفال كوسيلة لتحدي الوضع الراهن وكذلك لإعادة إنتاجه. بيد أن استخدام أدب الأطفال للدعاية ليس أمرا مقصورا على الماضي فحسب. فنجد أن السلسلة الشاملة «المتروكون: الأطفال» (1998- ) بقلم جيري بي جنكينز وتيم لاهاي نموذج لذلك. فهذه السلسلة التي تبيع ملايين من النسخ تعد دعاية واضحة للحركة الإنجيلية. وتقص السلسلة قصة مجموعة من المراهقين الذين يتركون في الأرض بعد صعود المختارين إلى السماء - وهو الوقت الذي يتوقع فيه المسيحيون أن يتجمعوا للقاء المسيح العائد. وعندما يدرك هؤلاء المراهقون أخطاء حياتهم السابقة، فإنهم يكونون «قوة شباب المحنة» - وهي مجموعة مقاومة سرية إنجيلية مسيحية، وخلال سنوات المحنة السبع التي يجتاح فيها الأرض الوباء والبلاء والمصائب الأخرى التي تكون المحنة التالية، يقاوم هؤلاء الشباب المسيح الدجال من خلال نشر تعاليم الأناجيل.
والقراء الضمنيون لهذه النصوص هم شباب صغار يربون وفقا للمبادئ الإنجيلية، وتشير الإهداءات المكتوبة في النسخ المستخدمة من تلك الكتب إلى أنها أهديت للصغار من قبل أقاربهم الذين يعتبرون تلك الكتب حقيقية وتتنبأ بالمستقبل؛ ومن ثم فإن هذه الكتب تقدم موعظة لأشخاص متدينين. وهذه الأعمال التي تروج لأفكار على نحو واضح تعد أقل تعقيدا على المستوى الأخلاقي؛ لأن الأثر الذي تسعى لتركه على القراء يعد واضحا مقارنة بالأعمال الأخرى التي تروج لأفكارها ترويجا خفيا. ويمكن مقارنة تلك السلسلة بسلسلة روايات «سجلات نارنيا» (1950-1956) التي يحاول فيها سي إس لويس إعادة تخيل القصة المسيحية بطرق يعتقد أنها ستروق القراء من الأطفال. وينجح لويس بوضوح في جذب انتباه القراء الصغار؛ إذ أصبحت «سلسلة نارنيا» جزءا من تراث أدب الأطفال، واستمتعت بها أجيال متلاحقة من الأطفال. وهنا تكمن المعضلة الأخلاقية؛ إذ إنه لا يفهم كل أصدقاء نارنيا الرسائل المسيحية عند قراءة السلسلة وهم أطفال. ورغم أن لويس قال إن القصص ليست إسقاطات، ولكنها تتوافق بسلاسة مع الأحداث المذكورة في الكتاب المقدس، وإنها تعتمد على مصادر أخرى للأساطير والخرافات، فإنه لديه أجندة مسيحية متنكرة بصورة مناسبة لتبرير الاتهامات بالتبشير بصورة خفية. قد تكون أخلاقيات إخفاء الموقف الأيديولوجي بهذه الطريقة مثيرة للإزعاج، لكن لا يوجد نص أدبي يخلو من الأيديولوجية، ويمكن عمل دراسة توضح أن أعمال لويس تنجح غالبا في مساعدة الأطفال ليصبحوا فيما بعد قراء قادرين على نقد النصوص بكفاءة - بما فيها سلسلة نارنيا عند قراءتها مرة أخرى في كبرهم. فإذا صح هذا المنطق، يصبح اللغز الأخلاقي هو: هل الغاية تبرر الوسيلة حقا؟
وعند التفكير في القضايا الأخلاقية الناجمة عن المحاولات المتعمدة للتأثير على القراء من الأطفال، من المهم ألا نغض الطرف عن الأعمال الأدبية الكثيرة التي تهدف بالأساس إلى تشجيع الأطفال على التفكير باستقلالية وعلى أساس مستنير قدر الإمكان تجاه قضايا مثل العدل والحرية والصواب والخطأ ومعنى السلوك القويم. وتقف هذه الأعمال على طرف نقيض من الأعمال الدعائية، ويحفل التاريخ بعدد هائل من الكتابات التي تسعى إلى تحفيز القراء وتدريبهم على تحليل وتقييم مزايا ومسئوليات مناصب معينة سعيا وراء تحقيق الوعي الأخلاقي. ومما لا شك فيه أنه حتى الكتابات التي تحاول تعليم الأطفال جمع الأدلة من قراءاتهم وإخضاعها للفحص هي في حقيقة الأمر تتبنى موقفا أيديولوجيا عن قيمة هذا النوع من النشاط؛ ومن ثم لا يسع أيديولوجيات المؤلفين إلا تشكيل إنتاجهم الأدبي. وعلى أي حال، وكما توضح الأمثلة التالية، فإن كتب الأطفال تطرح العديد من الأسئلة الأخلاقية المعقدة، والتي قد تساعد القراء على اكتساب مهارات تحليلية فضلا عن اختبار ردود أفعالهم مقارنة بردود أفعال الآخرين.
أخلاقيات السلطة
هناك تاريخ طويل من الكتابة عن العبودية للأطفال، بل إنه في بعض الأوقات تم اعتبار الأطفال أنفسهم عبيدا أو خدما (وكثيرون منهم لم يكن وضعهم أفضل من وضع العبيد بكثير). ونشأت هذه المقارنة في القرن الثامن عشر على أساس أن الأطفال كانوا مغلوبين على أمرهم إلى حد كبير وخاضعين لسلطة معظم من حولهم؛ مما كان يعني أن القراء الصغار كان لديهم أسباب تجعلهم يستشعرون جيدا ظلم العبودية. وبالفعل، فقد شجعهم العديد من النصوص الداعية إلى إلغاء العبودية على ذلك.
Shafi da ba'a sani ba