Adabin Duniya da Addini

al-Mawardi d. 450 AH
85

Adabin Duniya da Addini

أدب الدنيا والدين

Mai Buga Littafi

دار مكتبة الحياة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1407 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tariqa
- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْعُمْرُ يَنْقُصُ وَالذُّنُوبُ تَزِيدُ ... وَتُقَالُ عَثَرَاتُ الْفَتَى فَيَعُودُ هَلْ يَسْتَطِيعُ جُحُودَ ذَنْبٍ وَاحِدٍ ... رَجُلٌ جَوَارِحُهُ عَلَيْهِ شُهُودُ وَالْمَرْءُ يُسْأَلُ عَنْ سِنِيهِ فَيَشْتَهِي ... تَقْلِيلَهَا وَعَنْ الْمَمَاتِ يَحِيدُ وَاعْلَمْ أَنَّ لِأَعْمَالِ الطَّاعَاتِ وَمُجَانَبَةِ الْمَعَاصِي آفَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تُكْسِبُ الْوِزْرَ وَالْأُخْرَى تُوهِنُ الْأَجْرَ. فَأَمَّا الْمُكْسِبَةُ لِلْوِزْرِ فَإِعْجَابٌ بِمَا سَلَفَ مِنْ عَمَلِهِ، وَقَدَّمَ مِنْ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْجَابَ بِهِ يُفْضِي إلَى حَالَتَيْنِ مَذْمُومَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْمُعْجَبَ بِعَمَلِهِ مُمْتَنٌّ بِهِ وَالْمُمْتَنُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جَاحِدٌ لِنِعَمِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ: أَمَّا زُهْدُك فِي الدُّنْيَا فَقَدْ اسْتَعْجَلْت بِهِ الرَّاحَةَ، وَأَمَّا انْقِطَاعُك إلَيَّ فَهُوَ عِزٌّ لَك، فَهَذَانِ لَك وَبَقِيَتْ أَنَا. وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُعْجَبَ بِعَمَلِهِ مُدِلٌّ بِهِ وَالْمُدِلُّ بِعَمَلِهِ مُجْتَرِئٌ، وَالْمُجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ عَاصٍ. وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: خَيْرٌ مِنْ الْعُجْبِ بِالطَّاعَةِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِطَاعَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ضَاحِكٌ مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِهِ، خَيْرٌ مِنْ بَاكٍ مُدِلٍّ عَلَى رَبِّهِ، وَبَاكٍ نَادِمٌ عَلَى ذَنْبِهِ خَيْرٌ مِنْ ضَاحِكٍ مُعْتَرِفٍ بِلَهْوِهِ. وَأَمَّا الْمُوهِنَةُ لِلْأَجْرِ فَالثِّقَةُ بِمَا أَسْلَفَ وَالرُّكُونُ إلَى مَا قَدَّمَ؛ لِأَنَّ الثِّقَةَ تَئُولُ إلَى أَمْرَيْنِ شَيْنَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُحْدِثُ اتِّكَالًا عَلَى مَا مَضَى وَتَقْصِيرًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ. وَمَنْ قَصَّرَ وَاتَّكَلَ لَمْ يَرْجُ أَجْرًا وَلَمْ يُؤَدِّ شُكْرًا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَاثِقَ آمِنٌ. وَالْآمِنُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ خَائِفٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ تَعَالَى هَانَتْ عَلَيْهِ أَوَامِرُهُ، وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ زَوَاجِرُهُ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: رَهْبَةُ الْمَرْءِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: لَأَنْ أَبِيتَ نَائِمًا وَأُصْبِحَ نَادِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيتَ قَائِمًا وَأُصْبِحَ نَاعِمًا. وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: مَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيك خَيْرٌ إلَّا أَنْ تَرَى أَنَّ فِيك خَيْرًا. وَقِيلَ لِرَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةِ - رَحِمَهَا اللَّهُ -: هَلْ عَمِلْت عَمَلًا قَطُّ تَرَيْنَ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْك؟ قَالَتْ: إنْ كَانَ شَيْءٌ فَخَوْفِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيَّ عَمَلِي. وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: إنَّا لِلَّهِ فِيمَا مَضَى مَا أَعْظَمَ فِيهِ الْخَطَرُ، وَإِنَّا لِلَّهِ فِيمَا بَقِيَ مَا أَقَلَّ مِنْهُ الْحَذَرُ. وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الزُّهَّادِ وَقَفَ عَلَى جَمْعٍ فَنَادَى

1 / 99