Adabin Duniya da Addini

al-Mawardi d. 450 AH
130

Adabin Duniya da Addini

أدب الدنيا والدين

Mai Buga Littafi

دار مكتبة الحياة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1407 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tariqa
فِيهَا بُلْغَةً، وَلَا يُدْرِكُ مِنْهَا حَاجَةً. ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَعْدُ بِأَسْوَأَ مِنْ ذَلِكَ حَالًا حَتَّى لَا يُنْمَى بِهَا نَبْتٌ، وَلَا يُمْكِنُ فِيهَا لُبْثٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: الْأَمَلُ رَحْمَةٌ مِنْ اللَّهِ لِأُمَّتِي، وَلَوْلَاهُ لَمَا غَرَسَ غَارِسٌ شَجَرًا وَلَا أَرْضَعَتْ أُمٌّ وَلَدًا. وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَلِلنُّفُوسِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ ... مِنْ الْمَنِيَّةِ آمَالٌ تُقَوِّيهَا فَالْمَرْءُ يَبْسُطُهَا وَالدَّهْرُ يَقْبِضُهَا ... وَالنَّفْسُ تَنْشُرُهَا وَالْمَوْتُ يَطْوِيهَا وَأَمَّا حَالُ الْأَمَلِ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ فَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي الْغَفْلَةِ عَنْهَا، وَقِلَّةِ الِاسْتِعْدَادِ لَهَا. وَقَدْ أَفْصَحَ لَبِيدٌ مَعَ أَعْرَابِيَّةٍ بِمَا تَبَيَّنَ بِهِ حَالُ الْأَمَلِ فِي الْأَمْرَيْنِ، فَقَالَ: وَأَكْذِبُ النَّفْسَ إذَا حَدَّثْتُهَا ... إنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِي بِالْأَمَلْ غَيْرَ أَنْ لَا تَكْذِبَنَّهَا بِالتُّقَى ... وَاجْزِهَا بِالْبِرِّ لِلَّهِ الْأَجَلْ وَفَرْقُ مَا بَيْنَ الْآمَالِ وَالْأَمَانِي. أَنَّ الْآمَالَ مَا تَقَيَّدَتْ بِأَسْبَابٍ، وَالْأَمَانِيَ مَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا. فَهَذِهِ الْقَوَاعِدُ السِّتُّ الَّتِي تَصْلُحُ بِهَا أَحْوَالُ الدُّنْيَا، وَتَنْتَظِمُ أُمُورُ جُمْلَتِهَا، فَإِنْ كَمُلَتْ فِيهَا كَمُلَ صَلَاحُهَا. وَبَعِيدٌ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ الدُّنْيَا تَامًّا كَامِلًا، وَأَنْ يَكُونَ صَلَاحُهَا عَامًّا شَامِلًا؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى التَّغْيِيرِ وَالْفَنَاءِ، مُنْشَأَةٌ عَلَى التَّصَرُّمِ وَالِانْقِضَاءِ. وَسَمِعَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ رَجُلًا يَقُولُ: قَلَبَ اللَّهُ الدُّنْيَا، قَالَ: فَإِذَنْ تَسْتَوِي؛ لِأَنَّهَا مَقْلُوبَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَمِنْ عَادَةِ الْأَيَّامِ أَنَّ خُطُوبَهَا ... إذَا سَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ سَاءَ جَانِبُ وَمَا أَعْرِفُ الْأَيَّامَ إلَّا ذَمِيمَةً ... وَلَا الدَّهْرَ إلَّا وَهُوَ لِلثَّأْرِ طَالِبُ وَبِحَسَبِ مَا اخْتَلَّ مِنْ قَوَاعِدِهَا يَكُونُ اخْتِلَالُهَا.

1 / 145