106

Adabin Duniya da Addini

أدب الدنيا والدين

Mai Buga Littafi

دار مكتبة الحياة

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1407 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tariqa
قَدْ أَرَدْت ذَلِكَ فَذَكَرْت عَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا وَعَلِمْت أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ الدَّاءُ وَالْمُدَاوِي فَهَلَكُوا جَمِيعًا.
وَسَأَلَ أَنُوشِرْوَانَ: مَتَى يَكُونُ عَيْشُ الدُّنْيَا أَلَذَّ؟ قَالَ: إذَا كَانَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَهُ فِي حَيَاتِهِ مَعْمُولًا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ ذَكَرَ الْمَنِيَّةَ نَسِيَ الْأُمْنِيَّةَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: عَنْ الْمَوْتِ تَسَلْ، وَهُوَ كَرِيشَةٍ تُسَلُّ، وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: الْأَمَلُ حِجَابُ الْأَجَلِ. وَأَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لِعَلِيٍّ ﵁:
وَلَوْ أَنَّا إذَا مُتْنَا تُرِكْنَا ... لَكَانَ الْمَوْتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ
وَلَكِنَّا إذَا مُتْنَا بُعِثْنَا ... وَنُسْأَلُ بَعْدَ ذَا عَنْ كُلِّ شَيِّ
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
أَلَا إنَّمَا الدُّنْيَا مَقِيلٌ لِرَاكِبٍ ... قَضَى وَطَرًا مِنْ مَنْزِلٍ ثُمَّ هَجَّرَا
وَرَاحَ وَلَا يَدْرِي عَلَامَ قُدُومُهُ ... أَلَا كُلُّ مَا قَدَّمْت تَلْقَى مُوَفَّرَا
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ ﵁ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. فَقَالَ ﷺ: اكْسِبْ طَيِّبًا، وَاعْمَلْ صَالِحًا، وَاسْأَلْ اللَّهَ تَعَالَى رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ، وَاعْدُدْ نَفْسَك مِنْ الْمَوْتَى» . وَكَتَبَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَم إلَى أَخٍ لَهُ: قَدِّمْ جَهَازَك، وَافْرَغْ مِنْ زَادِك، وَكُنْ وَصِيَّ نَفْسِك وَالسَّلَامُ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: أَصَابَ الدُّنْيَا مَنْ حَذِرَهَا، وَأَصَابَتْ الدُّنْيَا مَنْ أَمِنَهَا. وَمَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - بِقَوْمٍ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ زُهَّادٌ. فَقَالَ: مَا قَدْرُ الدُّنْيَا حَتَّى يُحْمَدَ مَنْ زَهِدَ فِيهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: السَّعِيدُ مَنْ اعْتَبَرَ بِأَمْسِهِ، وَاسْتَظْهَرَ لِنَفْسِهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ جَمَعَ لِغَيْرِهِ وَبَخِلَ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَا تَبِتْ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ إنْ كُنْت مِنْ جِسْمِك فِي صِحَّةٍ، وَمِنْ عُمُرِك فِي فُسْحَةٍ، فَإِنَّ الدَّهْرَ خَائِنٌ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَائِنٌ كَائِنٌ.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:
مَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ مُدْرِكُهُ ... وَالْقَبْرَ مَسْكَنُهُ وَالْبَعْثَ مُخْرِجُهُ
وَأَنَّهُ بَيْنَ جَنَّاتٍ سَتُبْهِجُهُ ... يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ نَارٍ سَتُنْضِجُهُ

1 / 120