155

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Mai Buga Littafi

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Lambar Fassara

السادسة

Shekarar Bugawa

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

Nau'ikan

وأما ما كلّف به ﷺ من الأفعال فهل ينسى فيفعل ما نهى عنه، أو يترك ما أمر به سهوًا عنه.
تقدم أن الإمامية من الشيعة، والرازي في بعض كتبه، وبعض من تابعهم وغلا في النبي ﷺ، منع صدور النسيان عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وقد احتجوا برفعة مقام الأنبياء، وأن النسيان ينقص من أقدارهم.
ويجاب عن ذلك بأن النبي ﷺ لا يخرج عن طبيعته البشرية المقتضية لوقوع ذلك منه. قال النبي ﷺ: "إنما أنا بشر مثلكم -في رواية: أذكر كما تذكرون و- أنسى كما تنسون" (١).
وقد استثنى بعض الذاهبين إلى امتناع النسيان عليه ﷺ، فأجازوا أن يسهو في أحوال خاصة، ليعلِّم أمّته كيف يصنعون إذا نسوا، كما سها في الصلاة، فعلمهم سجود السهو (٢). واحتجوا بحديث رواه مالك في موطئه (٣)، بلاغًا، وانفرد به، ونصّه: "إني لأنسى أو أُنَسّى لأسُنّ ". وقد قال بعض الذاهبين إلى ذلك: إنه ﷺ كان يتعمد أن ينسى في الصلاة ليسنّ (٤). وذلك خطأ، فإن تعمد السلام من اثنتين في الظهر مثلًا يبطل الصلاة والبيان بالقول كاف، فلا ضرورة تُلْجئ إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى عدم معقولية تعمُّد النسيان.
والقول الثاني: وهو الصواب إن شاء الله: جواز نسيان التكليف والسهو فيه. وبهذا قال الرازي في كتابه (عصمة الأنبياء)، والآمدي والغزالي والباقلاني وغيرهم، وهو قول جمهور العلماء، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه (٥).

(١) رواه أحمد وابن ماجه (الفتح الكبير) ورواه مسلم ٥/ ٦٦ والبخاري صلاة/ ٣١
(٢) الزركشي: البحر المحيط ٢/ ٢٤٦ ب.
(٣) البناني: حاشيته على شرح الجوامع ٢/ ٩٥
(٤) البحر المحيط ٢/ ٢٤٧ أ، الشفاء ٢/ ١٤٤ ونسب هذا القول إلى أبي المظفر الإسفرائيني.
(٥) الشوكاني: إرشاد الفحول ص ٣٥

1 / 161