سُدىً «٤» وهذه صفة متوجهة إليه بعد كمال عقله.
شرعية التكليف
وقد استقر بما قدمناه أن التكليف الشرعي ما تضمنه الأوامر والنواهي في حقوق الله تعالى وحقوق عباده والمأمور به ضربان واجب وندب، فالواجب ما وجب أن يفعل والندب ما الأولى أن يفعل والمنهى عنه ضربان مكروه ومحظور، فالمحظور ما وجب تركه، والمكروه ما الأولى تركه، فأما المباح فما استوى فعله وتركه فلا يجب أن يفعل ولا الأولى أن يفعل ولا يجب أن يترك ولا الأولى أن يترك، واختلف في دخول المباح في التكليف، فذهب بعض أصحاب الشافعي ﵀ إلى دخوله في التكليف. واختلف قائل هذا هل دخل فيه بإذن أو بأمر على وجهين:
أحدهما: بإذن ليخرج حكم الندب.
والثاني: بأمر دون أمر الندب كما أن أمر الندب دون أمر الواجب وذهب آخرون من أصحاب الشافعي ﵀ إلى خروجه من التكليف بإذن أو أمر لاختصاص التكليف بما تضمنه ثواب أو عقاب واتفقوا في المباح أنه لا يستحق عليه حمد ولا ذم ويخرج عن القبيح واختلفوا في دخوله في الحسن فأدخله بعضهم فيه وأخرجه بعضهم منه.
الأمر والإرادة
والأمر بالتكليف هو استدعاء الطاعة بالانقياد للفعل واختلفوا في اقتران الإرادة به هل يكون شرطا في صحته، فذهب الأشعري إلى أن الإرادة غير معتبرة فيه ويجوز أن يأمر بما لا يريده ويكون أمرا كالذي يريده، وذهب المعتزلة إلى أنه لا يكون أمرا إلّا بالإرادة، فإن لم تعلم إرادته لم يكن أمرا. واختلفوا هل تعتبر إرادة الأفراد إرادة المأمور به فاعتبر بعضهم إرادة الأمر المنطوق به واعتبر آخرون منهم إرادة الفعل المأمور به والذي عليه جمهور الفقهاء أن الأمر دليل على
_________
(٤) سورة القيامة الآية (٣٦) .
1 / 31