حكاية الحال عن أول مبدأ الإسلام والدعوة، إذ ذاك، مقصورة على كلمة الشهادتين وحقوقها مضمنة في درجها غير مذكورة، وحديث أنس وابن عمر متأخران، ثم سائر الأحاديث التي فيها ذكر الأشياء المزيدة على ما في هذه الأخبار الثلاثة من صيام الشهر، وإعطاء الخمس من المغنم المذكور في خبر وفد عبد القيس، إنما جاءت فيما بعد، وهو أيضا حديث صحيح لا يشك في ثبوته، وفيما وصفناه من ذلك دليل على أن هذه الفرائض كلها من الإيمان، وسنذكر فيما بعد فرق ما بين الإيمان بالله والإيمان لله فيزول معه الشبه في هذا الباب، وليس هذا موضع استقصائه، وقد أشبعت بيان هذا الباب في كتاب السراج.
ومعنى قوله: (وحسابهم على الله) أي فيما يستسرُّون به دون ما يُخِلُّون به من الأحكام الواجبة عليهم في الظاهر، وفيه دلالة على أن الكافر المستسرَّ بكفره لا يتعرض له إذا كان ظاهر حاله الإسلام، وأن توبته مقبولة إذا أظهر الإنابة من كفر علم بإقراره أنه كان يعتقده قبل، وهو قول أكثر العلماء.
1 / 159