الروم، السلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني لأدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين، و﴿يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم﴾ إلى قوله ﴿اشهدوا بأنا مسلمين﴾.
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات فأخرجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمِر أمرُ ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر.
وفي هذا الحديث أن هرقل أذن لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع، فقال: يا معشر الروم: هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، وذكر الحديث.
إذا تأملت معاني هذا الحديث الذي وقع في الفصل الأول من مسألته عن أحوال رسول الله ﷺ وأطواره وما استقراه من أوصافه تبينت حسن ما استوصف من أمره، واستبرأه من جوامع شأنه، ولله دره من رجل ما كان أقله [؟] لو ساعد معقوله مقدوره.
فأما قوله في كتابه (إلى عظيم الروم) فمعناه إلى من تعظم الروم وتقدمه عليها، ولم يكتب إلى ملك الروم، بما يقتضيه هذا اسم من المعاني التي لا يستحقها من ليس من أهل دين الإسلام،
1 / 135