رسول الله ﷺ يرجف فؤاده، فدخل على خديجة فقال: زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة -وأخبرها الخبر- (لقد خشيت على نفسي). فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق)، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب العبراني، وكان شيخا كبيرا قد عمي، فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، وذكر بقية الحديث.
وهذه الأمور التي كان ﷺ بدئ بها من صدق الرؤيا، وحب العزلة عن الناس، والخلوة في غار حراء، والتعبد فيه ومواظبة الصبر عليه الليالي ذوات العدد، وإنما هي أسباب ومقدمات أرهصت لنبوته، وجعلت مبادئ لظهورها ورؤيا الأنبياء وحي. قال عبيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي. ونزع بقوله ﷿: ﴿إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر﴾.
1 / 126