Alamun Tunani Na Musulunci a Zamanin Zamani
أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث
Nau'ikan
العالم الفاضل الشيخ حسن منصور لأمه.
محمد الأشموني
1218-1321ه
هو الشيخ محمد الأشموني. ومعلوم أن أصله من أشمون جريس - قرية من أعمال المنوفية - وقد أخبر أنه من نسل أبي مدين التلمساني، ولد سنة 1218ه، وحضر إلى الأزهر فتلقى عن شيوخه: القويسني، والبولاقي، والفضالي، والأمير، والباجوري، والمرصفي وغيرهم، وكان أكثر حضوره على البولاقي والباجوري، واشتهر بالذكاء وجودة التعليق، وإتقان التحصيل، إلى أن تأهل للتدريس، فدرس الكتب المتداولة بالأزهر صغيرة وكبيرة، وقرأ المطول، وجمع الجوامع، وكتب التفسير، والحديث، والعقائد وغيرها مرات بعذوبة منطق، وحسن إلقاء، ولم يؤلف كتبا، وإنما كتب عنه بعض الطلبة تقييدات عن قراءته للعقائد النسفية، وكذلك قيدوا عنه نحو ثلاثين كراسة حال قراءته لمختصر السعد، وأخذ عنه كثيرون من كبار علماء الأزهر، وعمر عمرا طويلا حتى ألحق الأجداد بالأحفاد، وصار جميع من بالأزهر إما تلاميذه أو ممن في طبقتهم.
وروي أن الشيخ محمد الإنبابي شيخ الأزهر تلقى عنه، إلا أن الشيخ الإنبابي كان ينكر ذلك ، ولم يعقب المترجم لأنه لم يتزوج قط، وكان القائم بخدمته في داره أخت له وجارية سوداء، وعبد اسمه محبوب، تبناه وزوجه من الجارية وفتح له حانوتا بالتربيعة وصيره من التجار، ثم وقف على الثلاثة داره التي كان يسكنها بالباطنية بالقرب من الأزهر.
ولم ينقطع عن التدريس والإفادة إلا قبل موته ببضع سنوات لضعف أصابه من الكبر وأبطل حركته، وكانت وفاته ليلة الجمعة رابع ذي القعدة سنة 1321ه عن مائة سنة وثلاث سنوات، وأطلقوا منادين في الطرق للإنباء بوفاته، فساروا مثنى رافعين أصواتهم بالنعي، واجتمع في صبيحة الوفاة الألوف من صفوف الناس لتشييع جنازته. قيل إنهم بلغوا نحو أربعين ألفا، وحضر أيضا الوزير المنبهي المراكشي وزير الحرب بالمغرب، وكان مارا بمصر للحج.
وتقدم شيخ الأزهر السيد علي الببلاوي للصلاة عليه بالأزهر، وتلوا قبيل الصلاة مرثية من نظم الشيخ إبراهيم راضي، مطلعها:
لا قلب للإسلام غير حزين
فاليوم فيه انهد ركن الدين
ثم خرجوا بالجنازة إلى القرافة ودفنوه في مقبرة الشيخ الإنبابي، وكان رحمه الله أنيس المحضر، كثير الدعابة والمزاح مع الطلبة، شديد الورع، متصفا بالزهد والتقشف وقلة الاحتفال برفاهة العيش، إذا سار في الطريق توكأ على عصاه بيد ووضع الأخرى على كتف من يسايره، ولا سيما بعد علو السن وضعف القوة، حضر مرة احتفالا مما يقام لكسر السد أو المولد النبوي، ورموا بالسهام النارية كعادتهم، فتجاوز سهم منها مداه ووقع على الحاضرين فأصاب المترجم في إحدى عينيه وذهب بها، فرتبت له السلطات راتبا شهريا علاوة على راتب الأزهر رحمه الله تعالى.
Shafi da ba'a sani ba