Alamun Tunani Na Musulunci a Zamanin Zamani

Ahmad Taymur Basha d. 1348 AH
222

Alamun Tunani Na Musulunci a Zamanin Zamani

أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث

Nau'ikan

لهذا كان من العلماء المجيدين ودعاة الإصلاح، وقد خدم المعارف خدمة تذكر فتشكر حينما كان عضوا في الجمعية الخيرية المؤلفة في عهد مدحت باشا الوزير العثماني قبل إحداث مديرية المعارف، وكان على جانب عظيم من الذكاء وسرعة الخاطر وقوة الحافظة، سليم الصدر، طاهر القلب لا يضمر السوء والغش لأحد، شديد الغيرة على الوطن والشعوب العربية، مستمسكا بدينه ومبادئه، لكنه يمقت التعصب الذميم والتنطع بالدين، رحب المحيا، رقيق الشمائل، يحب النظافة والإتقان والترتيب والنظام، فائق الهمة، جامعا بين تؤدة الشيوخ وهمة الشباب، صداعا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وله مواقف عجيبة من هذا القبيل، كان آخرها موقفه مع جمال باشا؛ فقد كان الشيخ بوصفه من كبار الأحرار المصلحين لا يرضى عن الحكم المطلق، بل ينشد الإصلاح الذي من شأنه سعادة الوطن وعمرانه وحياة الأمة ورفاهيتها ورقي الدولة وصيانة كيانها، فاتحد رأيه مع رأي أحرار الترك أعضاء جمعية «تركيا الفتاة» وانتظم في سلك هيئاتهم السرية، وظل زهاء ثلاثين سنة يجاهد في هذا السبيل، معرضا نفسه إلى الخطر، حتى أعلن القانون الأساسي، وحينما رأى تهور الاتحاديين انسحب من جمعيتهم ولزم الحياد، وحينما تمادوا في طغيانهم وبدت عليهم علائم سوء النية نحو العناصر غير التركية، خصوصا العرب، اضطر إلى المجاهرة بمخالفتهم، وانتظم في سلك حزب الحرية والائتلاف، ثم كان في طليعة المنادين بالإصلاح والمطالبة بحقوق العرب المهضومة، فحنقت عليه الحكومة التركية وتربصت به الدوائر، حتى أعلنت الحرب العامة سنة 1914م ودخلتها الدولة، وتولى جمال باشا قيادة الحملة المعروفة، فقبض على الشيخ وزج به في سجن الشرطة شهرين، ثم سيق إلى مجزر عاليه، ونفي بعد ذلك إلى الأناضول، وكان ولده المرحوم محمود جلال في عداد الشهداء.

وفيما هو سجين في نزل «دمسكس بلاس» استدعاه جمال باشا وأفهمه أنه يريد إعفاءه من النفي على شرط أن يكف لسانه عن الطعن على الحكومة، فأجابه بقوله: «اقض ما أنت قاض»، فأيقن جمال أنه لن يسكت عن مظالم الحكومة وعدل عن العفو عنه.

وظل الشيخ يشنع على فظائع الحكم غير مبال ولا متهيب، وقد أعجب بعلمه وفضله وإخلاصه كل من صحبه من علماء الأتراك وسراتهم وأعيانهم.

وعقب الانقلاب العثماني، طلب أن يحال إلى التقاعد فأجيب طلبه ولزم بيته، وعكف على مطالعة كتبه ومزاولة درسه وبحثه، ثم ألح عليه إسماعيل فاضل باشا أحد ولاة سوريا في قبول عضوية لجنة الأوقاف فقبل بعد أخذ ورد طويلين.

ولما ذهب الحكم التركي، عين عضوا في مجلس الشورى، وانتخب عضوا في المجمع العلمي العربي، وعضوا في مجلس المعارف الكبير، إلى أن أسندت إلى عهدته رياسة العلماء في دمشق.

وكانت وفاته في جمادى الأولى سنة 1347ه بدمشق رحمه الله.

محمد أبو الخير عابدين

1269-1343ه

وقفت له على ترجمة بخطه،

1

Shafi da ba'a sani ba