Abin Mamaki Mafi Girman Da Ya Faru a Bayi a Tsakanin Romawa
أعجب ما كان في الرق عند الرومان
Nau'ikan
فاتحة الكتاب
حمدا لمبدع الكائنات والأكوان، ومشرف الإنسان على نوع الحيوان، مولى طبع بحكمته الباهرة، وقدرته القاهرة، كل أمة على عوائد تخصها دون سواها، وأخلاق تميزها عما عداها، وصلاة وسلاما على نبيه محمد صاحب الشريعة الغراء، والحجة البيضاء، الذي أكمل خلقه وخلقه، وفضل على سائر الأقوام قومه، (وبعد) فلما كان الرق عند الرومان من أعجب ما كان، والوقوف على معرفته يهم كثيرين، وأمره مخالفا بالكلية لما جاءت به شريعة خاتم النبيين، لا كما يدعيه من جهل الخطتين أو تشيع لأولى الشريعتين، وضعت تلك الرسالة في ذلك الموضوع تحت عنوان «أعجب ما كان في الرق عند الرومان»، حتى يقف القارئ بمطالعتها على كنه حقيقة الاستعباد الروماني، ويدرك بالجمع بين مطالعتها ومطالعة كتاب «الرق في الإسلام» ما بين شريعة الأمتين من الفرق المبين والبون البعيد في معاملة العبيد، هذا والله أسأل أن يجعل لتلك العجالة حظا عند السادة القراء في عصر مولانا الخديو المعظم والداوري الأفخم «عباس باشا حلمي الثاني»، حفظه الله وأبقاه ما حيت الغزالة بأشعتها الذهبية بني الإنسان، آمين.
المقدمة
وجد والدا البشر آدم وحواء في مبدأ الخلقة وحيدين في وسط الأكوان الشاسعة والأراضي الواسعة، لا قوت يسد رمق جوعهما، ولا غطاء يقيهما من تأثير التغيرات الجوية غير التغذي بما تخرجه الأرض من الحشائش، والتستر بأوراق النبات، والإقامة في المفاوز والمغارات، حسب إلهام الخالق لهما ، وهكذا استمرا على هذه الحالة حتى تزايد عدد أبنائهما شيئا فشيئا، وتمكنوا جميعا من التعاون والتعاضد على تحصيل ما يقوم اعوجاج الحياة، وأول ما فكروا فيه هو أمر الغذاء والغطاء الذي أرشدهم الرحمن إليه باستعمال الصيد؛ حيث صاروا يأكلون لحم الطيور والحيوانات ويلبسون جلودها، حتى ألهموا حفظ بعض أنواع الحيوان النافعة كالبقر والغنم وما شاكلها؛ لوفرة نسلها، وللاستغناء بنتاجها ودرها عن مكابدة أتعاب الاقتناص، ولكنهم لذلك الحين كانوا مكتفين غذاء بلحمها وألبانها، وكساء بصوفها وجلدها، ولم يزالوا عاكفين على تربية الحيوانات النافعة، والاعتناء بأمرها، حتى تنبهوا لحراثة الأرض؛ ومن ثم تشعبوا وانقسموا إلى قبائل يرأس كل واحدة منها رئيس، لم يكن له في مبدأ الأمر من السلطة إلا تقسيم الأعمال بين أفراد عشيرته أو قبيلته؛ فمنهم مخصص للحرث، ومنهم للسقي، ومنهم للصيد الذي لم يقصدوه وقتئذ إلا للتغذية الإضافية، وكل ما ينجم عن عمل أحد الأفراد يكون ملكا للعائلة بأكملها، ليس لأحد منها أن يستغله دون الآخر.
ذلك هو مبدأ تكون العائلات، الذي لم ينتج إلا بعد أدوار كثيرة تدريجية يورد لنا حالة تاريخ مدينة روما الشهيرة، التي وجدت قبل المسيح بنحو سبعة قرون ونصف، وقبل الهجرة النبوية بثلاثة عشر قرنا تقريبا، يقص علينا تاريخها أنها كانت مكونة من عائلات تمتاز كل واحدة منها باسم مخصوص، يرأس كل عائلة رجل هو رب البيت وحاكمها الوحيد صاحب التصرف المطلق في حياة أفرادها وأملاكهم، وكانت العائلة مكونة من ذرية رب البيت وذرية ذريته وهكذا، وعبيده ونسل عبيده ونسل نسلهم ... إلخ - الذين كان يصل عددهم أحيانا إلى خمسماية وألف - وحشمه وخدمه مع أملاكه الخصوصية وأملاك هؤلاء الأولاد والأتباع، فكانت بذلك أشبه شيء بحكومة أو إيالة، المتصرف الشرعي فيها رب البيت الذي قد حرم على غيره أن يتصرف في شيء من أملاك العائلة؛ بمعنى أن جميع الأملاك معتبرة له دون سواه.
والعبيد وإن كانوا كأولاد رب البيت إلا أن معاملتهم خرجت عن حد التصور والوصف؛ فيباع العبد ويشرى، ويستخدم ويؤذى، ويقتل ويرمى، ولا رادع في ذلك لسيده، فكان بأمره يضارب الوحوش، ويقاتل السباع لتعليم أبناء الرومانيين الحماسة، وكانت تقطع يداه ورجلاه إذا أذنب أحد الأبناء لتفهيمهم كيفية عقاب المذنبين، ولا ذنب لصاحبنا إلا أنه في الغالب أجنبي قد أسر.
غيري جنى وأنا المعذب فيكم
فكأنني سبابة المتندم
وقصارى القول أن العبد كان معتبرا كآلة في يد سيده يديرها كيف يشاء، وأن معاملة الموالي للعبيد - وإن تحسنت قليلا في أعصر الرومان الأخيرة - لا تزال موضوع وحشية وهمجية، تصور لنا اجتماع النقيضين واتحاد الضدين - التمدن والتوحش - كما سيظهر جليا.
نبذة تاريخية
Shafi da ba'a sani ba