Ƙidaya da Gina Dan Adam

Zahra Sami d. 1450 AH
95

Ƙidaya da Gina Dan Adam

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Nau'ikan

كان ابني، الذي لم يبلغ من العمر عامين بعد، جالسا في المقعد الخلفي في سيارتنا بينما كنا متوجهين بها إلى جسر «ريكنباكر كوزواي» - جسر يربط جزيرة فيرجينيا كي بمدينة «ميامي» قاسما مياه خليج بيسكاين الفيروزية. وبينما اعتلت سيارتنا الجسر، نظر ابني إلى يمينه من النافذة محدقا في الخليج الذي يمتد إلى المحيط على الأفق، وصاح:

water ! [ماء] ثم أدار رأسه إلى اليسار، مركزا في ذلك الوقت على جزء الخليج الذي يمتد إلى ساحل المدينة. ومأخوذا بوجود ما يبدو على أنه جزء منفصل من المياه، صاح متعجبا:

Two waters ! [اثنان مياه] اثنان مياه، ولم لا؟ بالنسبة إلى طفل لم يفهم بعد الفرق بين الأسماء المعدودة والأسماء المعبرة عن الجمع، فإن ذلك التعبير مفهوم تماما، غير أن ذلك التعبير المفعم بالحيوية الذي أصدره ابني، كاشف بصورة أعمق. فمنذ سن مبكرة للغاية، وغالبا ما يكون ذلك قبل سن العامين، يدرك متحدثو اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الأخرى أنه يجب عليهم جمع الأسماء إذا كانت هذه الأسماء تشير إلى أكثر من شيء واحد. ومن الواضح أن الأطفال يستطيعون تعلم هذا الفرق منذ سن مبكرة. إن اللغات تعطي قدرا كبيرا من الأهمية للعدد النحوي، وهي أهمية تتعامل معها أدمغتنا ببراعة لأنها مهيأة فطريا لذلك. ومن المرجح أن يكون هذا الاستعداد الفطري هو الذي يشجع الانتشار العالمي للعدد النحوي.

إن وجود العدد النحوي في الغالبية العظمى من اللغات هو أمر في غاية الأهمية، لا سيما مع وعينا بتنوع اللغات التي يتحدث بها البشر. في العقود الأخيرة الماضية، حين وصل علماء اللغويات إلى الزوايا البعيدة في العالم وقاموا بتوثيق لغات لا ترتبط ببعضها، عرفنا أن اللغات قد تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا. وقد أصبح علماء اللغويات يعتقدون الآن أن تنوع اللغات هو السمة الأبرز في التواصل الإنساني؛ فبعض اللغات لا تستخدم الأزمان، وبعضها لا تميز بين لونين كالأحمر والأصفر، وبعضها لا يستخدم فاعل الجملة بطريقة واضحة، وبعض اللغات لا يستخدم سوى عدد قليل للغاية قد لا يتجاوز العشرة من الأصوات ذات المعنى، بينما قد تستخدم لغات أخرى ما يصل إلى المائة، وغير ذلك الكثير . إن اللغات تتنوع وتختلف بدرجة كبيرة، وقد أصبح بعض الباحثين في اللغات يعتقدون الآن أن هذا التنوع يعكس بدرجة صغيرة، قدرة اللغات على التكيف مع البيئات المختلفة تدريجيا. (ويقترح بحثي الخاص الذي أجريته مع بعض الزملاء أن بعض سمات الأنظمة الصوتية اللغوية تتطور بطرق تتأثر تأثرا طفيفا بالعوامل البيئية كالقحط الشديد.)

12

بالرغم من ذلك التنوع والقدرة على التكيف البارزين، فإننا نجد بعض الميول القوية التي تظهر في لغات العالم فيما يتعلق بكيفية معاملتها للكميات. وقد رأينا في هذا الفصل أن العدد النحوي يوجد في الغالبية العظمى من لغات العالم؛ فالقواعد اللغوية مهووسة بالأعداد، وغالبا ما يتركز هوسها هذا على تمييز الكميات الصغيرة الدقيقة عن الكميات الكبيرة التقريبية. ومن هذه الناحية، فإن العدد النحوي يعكس وظيفيا بنيتنا الدماغية، التي تأتي مجهزة مسبقا لتكون قادرة على التمييز الدقيق بين الكميات الصغيرة فقط.

بالرغم من الطبيعة المشتركة للعدد النحوي، تبقى الحقيقة أن بعض اللغات لا تستخدمه، وذلك مثل ما ذكرته في الفصل الثالث عن أن مفردات الأعداد لا توجد في كل اللغات. في الفصل الخامس، سنقلب النظر في قضية محورية في مسعانا لفهم دور الأعداد في قصة البشرية: ما الذي يحدث حين لا يستخدم البشر العدد النحوي أو مفردات الأعداد أو غيرها من التمثيلات الرمزية للكميات؟ بعد ذلك، سنلقي نظرة على بعض العوالم التي لا توجد بها أعداد.

الجزء

عوالم بلا أعداد

الفصل الخامس

Shafi da ba'a sani ba