Ƙidaya da Gina Dan Adam

Zahra Sami d. 1450 AH
92

Ƙidaya da Gina Dan Adam

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Nau'ikan

حين يتعلق الأمر بالكميات التي تزيد عن 3، فإننا نكون أفضل في تمييز المجموعات التي تختلف عن بعضها اختلافا ملحوظا؛ ومن ثم إذا سألك ضابط الشرطة عما إذا كان عدد المهاجمين 6 أو 7، فقد تجيب بإجابة خاطئة؛ لأن الفرق بين 6 و7 ليس فرقا ملحوظا. لكن إذا تصادف أن ضابط الشرطة يعرف أنها إما إن تكون عصابة من 6 أفراد أو عصابة من 12 فردا، وأعطاك الاختيار بين 6 و12، فسوف تجيب إجابة صحيحة؛ لأن 12 أكبر من 6 بنسبة 100 بالمائة. بالرغم من ذلك، فلكي نكون دقيقين بشأن إدراك الكميات مثل 6، نحتاج إلى عد العناصر المعنية. فتقرير الشرطة المستند إلى شهادتك العيان سيكون دقيقا إلى حد ما في السيناريو الأول الذي طرحناه لما حدث في الزقاق، أما شهادتك الثانية فسوف تكون مبهمة؛ ربما شاهدت ستة مهاجمين بالفعل، لكن عند التفكير في الأمر مرة أخرى، ربما كانوا خمسة أو سبعة، أو ربما - فقط ربما - كانوا ثمانية. إذا لم تتسن لك فرصة عدهم، وتستخدم هذه الرموز اللفظية للكميات، والتي نسميها مفردات الأعداد، فلن تكون روايتك جديرة بالثقة؛ فالآليات الوراثية المتأصلة في الثلم داخل الفص الجداري وغيرها من المناطق الموجودة في القشرة الدماغية، لا تستطيع سوى تمييز الكميات الصغيرة، مثلما تشير إلى ذلك الدراسات التجريبية ودراسات تصوير الدماغ.

قد تبدو هذه النقطة واضحة بطريقة ما، فتمييز الكميات الصغيرة أسهل بالتأكيد، لكن ما نفترضه هنا بناء على دراسات موسعة قد أجراها العديد من الباحثين، هو ليس ذلك فحسب؛ فالبشر ليسوا أفضل قليلا فحسب في تمييز الكميات الصغيرة، ولا يقتصر الأمر على أن تشوشنا الرياضي يزداد تدريجيا وفقا لزيادة العناصر التي يستقبلها إدراكنا، بل توجد فجوة واضحة بين كيفية تفكيرنا في الكميات 1 و2 و3، مقارنة بجميع الكميات الأخرى. وبعبارة أخرى، نحن مهيئون فطريا للتفكير في هذه الكميات بدقة ، مع التفكير بشأن جميع الكميات الأخرى بشكل تقريبي. ومثلما يشير عالم النفس المرموق ستانيسلاس ديهان، فإننا نمتلك «حاسة عددية» وهو ما يساعدنا على تمييز بعض الكميات بدقة. إن أدمغتنا على وجه التحديد، ولا سيما الثلم داخل الفص الجداري الموجود في أدمغتنا، بها حاستان عدديتان؛ حاسة عددية دقيقة، وحاسة عددية تقريبية. وفي حقيقة الأمر، فإن الحاسة العددية الأولى هي القدرة على متابعة الأشياء، والتي يشار إليها عادة باسم نظام «التفرد المتوازي» ولهذا فهي تسمح لنا بأكثر من مجرد التفكير الكمي. غير أن إحدى خصائصها هي أنها تمكننا من تمييز المجموعات التي تتكون من كميات صغيرة بدقة، مثل مجموعة تتكون من 1 أو 2 أو 3 من المهاجمين. ولذلك السبب فسوف أشير إليها باسم «الحاسة العددية الدقيقة»، وهو مصطلح يسهل تذكره؛ إذ يقابل مصطلح «الحاسة العددية التقريبية». وتمكننا الحاسة الأخيرة من تقدير الكميات الكبيرة، كالمجموعات التي تتكون من 5 إلى 7 من المهاجمين. وهاتان الحاستان، اللتان سنناقشهما بمزيد من التفصيل في الفصول التالية، هما وحدتا البناء للقدرة على التسويغ المنطقي الكمي، التي يتميز بها نوعنا، لكنهما لا تفسران التفكير الرياضي بأكمله بالتأكيد.

9

ومن الواضح أن هذه الخلفية بشأن طبيعتنا البيولوجية العصبية الأساسية، تلقي ضوءا جديدا على ما كنا نتناوله من مناقشة بشأن العدد النحوي؛ أولا: من المحتمل أن تكون الطبيعة البيولوجية العصبية العددية المتأصلة في نوعنا، تعزز إحدى النتائج الأساسية التي توصلنا لها من دراستنا الاستقصائية، وهي أن العدد النحوي منتشر في كل مكان. إنه يوجد في الغالبية العظمى من اللغات، وعادة ما يكون له آثار بارزة في كيفية تكوين الأفراد للجمل والكلمات المفردة، في اللغات التي يوجد فيها، ويمكن أن يظهر في الأسماء والأفعال والأدوات والمصنفات وغيرها من أنواع الكلمات. ثانيا: حين يشير العدد النحوي إلى كميات محددة، فإنها تكون محددة للغاية؛ فهو يميز بين 1 وبين الكميات الأخرى، ويمكن استخدامه أيضا للإشارة إلى الكمية 2 و3، على وجه التحديد. ثالثا: غالبا ما يشير العدد النحوي إلى الكميات الكبيرة، لكن ذلك دائما ما يكون على نحو تقريبي.

لقد رأينا في الفصل الثالث أن معظم الأنظمة العددية تحفزها الطبيعة البيولوجية البشرية. وفي الغالبية العظمى من اللغات، تبدي الأعداد ارتباطا تاريخيا واضحا مع الأصابع والأيدي. وتوضح لنا النتائج التي يتناولها هذا الفصل أن العدد النحوي أيضا له سمات مشتركة عبر لغات العالم، غير أننا لا نعزو السبب في وجود هذه السمات المشتركة إلى صفات الأطراف البشرية، بل يبدو أنها تنبع من سمات الدماغ البشري. إن قواعدنا اللغوية تشير إلى المفاهيم العددية التي يصفيها دماغنا أو الثلم داخل الفص الجداري على وجه التحديد، بصورة فطرية وبسهولة، وليس ذلك من قبيل المصادفة.

إذا كان ما اقترحناه من العوامل التي تحفز وجود مفردات الأعداد والعدد النحوي دقيقا، فقد نتوقع أن مفردات الأعداد التي تعبر عن الكميات الصغيرة للغاية سوف تكون مختلفة بطريقة ما عند مقارنتها بمفردات الأعداد التي تعبر عن الأعداد الكبيرة. وهذا التوقع يلقى دعما من الأدلة اللغوية؛ فمفردات الأعداد التي تعبر عن كميات مثل 1 و2 و3، غالبا ما يكون لها مصادر قد ضاعت مع مرور الزمن، وأصول تختلف بوضوح عن أصول الأعداد الكبيرة في اللغة نفسها. فعلى العكس من الأعداد التي تعبر عن كميات مثل 5 و10، فإن البشر عادة لا يسمون الكميات الأصغر على أسماء أعضاء الجسم. (بالرغم من ذلك، فمثلما هي الحال مع الأحكام العامة بشأن اللغات البشرية، توجد بعض الاستثناءات النادرة.) ونحن لا نحتاج إلى ذلك؛ إذ يمكننا أن ندرك مثل هذه الكميات من خلال أدمغتنا، دون الحاجة إلى وسيط مادي ليساعدنا على إدراكها. إننا لا نحتاج إلى الإشارة إلى الكميات المتطابقة الموجودة في العالم الخارجي لأدمغتنا، لاختراع كلمات للكميات 1 و2 و3.

وتختلف الأعداد الصغيرة عن الكبيرة بطريقة أخرى مهمة أيضا، وهي تدعم الاقتراح القائل بأن الأعداد الصغيرة تتأسس مباشرة على مفاهيمنا الفطرية. ومثلما أشار الباحثون كعالم النفس الذي سبق ذكره، ستانيسلاس ديهان، فإن الأعداد الصغيرة تستخدم أكثر من غيرها بدرجة كبيرة. وبالفعل، فإن الأعداد 1 و2 و3، توجد في اللغات المكتوبة بأكثر من ضعف المقدار الذي توجد به جميع الأعداد الأخرى. ويعود جزء كبير من السبب في مثل هذا التواتر إلى سهولة إدراك هذه الأعداد بدقة وسرعة. فليس الأمر على سبيل المثال أن الطبيعة تقدم لنا الأشياء في مجموعات تتكون من 1 أو 2 أو 3 بتواتر أكبر، ليس إلى الحد الذي يتضح في اللغة على الأقل. علاوة على ذلك، فإن تواتر ورود الأعداد المكتوبة والمنطوقة في جميع اللغات، التي درس فيها تواتر ورود الأعداد، لا يتراجع بانتظام مع زيادة العدد، وإنما نجد انخفاضا حادا في معدل ورود العدد 4 مقارنة بالعدد 3. ثم إننا نجد في الإنجليزية وغيرها من اللغات العشرية، أن أعدادا مثل 10 و20، ترد بتواتر كبير للغاية، هو أكبر كثيرا من تواتر الأعداد الكبيرة الأخرى. ويشير ذلك إلى أن التواتر الكبير لبعض الأعداد في الحديث والكتابة لا يعود إلى أن بعض الكميات أكثر انتشارا في العالم من حولنا فحسب، وإنما ترد بعض الأعداد بتواتر أكبر لأن أدمغتنا وأجسادنا قادرة على تصفيتها بسهولة أكبر.

10

إن السهولة التي يعالج بها البشر الكميات الصغيرة، تنعكس في الأنماط التي وصفناها فيما يتعلق بالعدد النحوي. وهي تنعكس أيضا في وتيرة استخدام الأعداد الصغيرة، وفي الأصول غير الواضحة لها، ويجب أن نذكر أيضا الأعداد الترتيبية. والأعداد الترتيبية هي التي توضح موضع عنصر ما أو حدث ما في الترتيب؛ فيمكنني أن أقول مثلا بالإنجليزية:

Germany is the third country to win the World Cup a fourth time . وهي تعني «ألمانيا هي الدولة الثالثة في الفوز بكأس العالم للمرة الرابعة.» وبكتابة هذه الجملة التي توضح مثالا على الأعداد الترتيبية، أكون قد وضحت طريقة أخرى تستخدمها اللغات في تمييز الكميات 1 و2 و3 عن غيرها. فلنلق نظرة على قائمة الأعداد الترتيبية في الإنجليزية:

Shafi da ba'a sani ba