Ƙidaya da Gina Dan Adam
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
Nau'ikan
17
معظم أنواع الأرقام التي تطورت على مدار الألفيات القليلة الماضية، وفي مناطق مختلفة من العالم، تتشارك في بعض التشابهات التركيبية الواضحة. ويعود بعض هذا التشابك إلى حقيقة أن الأرقام لم تظهر مستقلة إلا في عدد قليل من الأماكن. بالرغم من ذلك لا يمكن تفسير جميع هذه التشابهات على أنها ناجمة عن تأثير الثقافات والإمبراطوريات المحيطة، وإلا لكان لنظام ترقيمي، كنظام الأرقام الرومانية، تأثير أكبر على أنظمة الترقيم الحالية. غير أن هذا النظام، الذي كان يفتقر إلى مفهوم الصفر لحفظ القيمة المكانية، وكثيرا ما كان يتطلب كتابة سلاسل طويلة من الرموز للدلالة على كميات صغيرة (على سبيل المثال،
XXXVIII
يساوي 38)، لم يعد يستخدم إلا في سياقات محددة. لقد مهد الطريق لنظام يستخدم رمزا للتعبير عن الصفر، وخانات تعكس مجموعات من العدد عشرة.
تختلف أنواع الأرقام في بعض النواحي التي لن نتطرق إليها هنا، غير أن الاختلاف في قيمة الأسس محدد بدرجة كبيرة في أنظمة الترقيم التي لا ترتبط ببعضها، الحالية منها والقديمة. وتعود هذه المحدودية إلى حقيقة بسيطة، وهي أن أنواع أنظمة الترقيم الأساسية في العالم، سواء أكانت أنظمة عشرية اخترعت في الصين، وتطورت في شرق آسيا، أو تلك الأنظمة التي بدأ استخدامها في الهند أو وسط أمريكا أو الأنديز، تجمع بينها نزعة مشتركة. إنها تتخذ جميعا العدد عشرة أو أحد مضاعفات العدد خمسة أساسا لها. والحافز التشريحي لهذه النزعة واضح، وهو أن الكميات التي نراها بصورة منتظمة في أجسامنا أساسية للغاية في كيفية بنائنا للأعداد. وتنطبق هذه الحقيقة على الأرقام المكتوبة والأعداد المنطوقة كذلك، ومثلما سنرى في الفصل الثالث، فإن أصابع اليدين، وأصابع القدمين بدرجة أقل منها، كان لها تأثير كبير للغاية في تشكيل الأرقام على مدار آلاف الأعوام.
خاتمة
إننا لم نستعرض تاريخ نظم الأعداد التي ابتكرها البشر بصورة شاملة في هذا الفصل، وإن مثل هذا الأمر ليتطلب كتبا بأكملها. فنحن لم نناقش مثلا أنظمة المعداد الصيني، التي كانت ولا تزال تستخدم في مختلف الأماكن، مثل روما القديمة واليابان المعاصرة؛ لتسهيل التفكير في الأعداد ، لكنني يجب أن أذكر أن نظام المعداد الصيني المنتشر حول العالم، يتأسس هو أيضا على مجموعات تتكون من العدد خمسة والعدد عشرة.
18
بالرغم من ذلك، فإن الاستعراض الحالي لنظم الأعداد قد أكد على بعض النقاط الأساسية بشأن الممارسات الرمزية القديمة؛ ففي البداية قد وضح أن جدولة الكميات تظهر في العديد من أدوات العصر الحجري القديم حول العالم، وهو ما يدل على أن أرقام ما قبل التاريخ، قد كانت من أولى الرموز غير اللفظية (أو أشباه الرموز الأقل تجريدا). وفي معظم الأحيان، صورت أشكال الفن في العصر الحجري القديم أصابع الأيدي البشرية، وكانت تصورها أحيانا بطرق تدل على استخدامها في ممارسات العد القديمة. إضافة إلى ذلك يبدو أن سهولة تصوير الكميات وما يعود به ذلك من نفع، قد جعل من علامات العصي وغيرها من أرقام ما قبل التاريخ أمرا محوريا لأول تمثيل ثنائي البعد للأفكار.
ومع تطور الجدولة المنهجية للكميات الأكبر، عمد البشر إلى تصنيف الكميات إلى مجموعات أصغر يمكن التعامل معها حرفيا بشكل مادي. وفي نهاية المطاف طور البشر أنظمة ترقيم تقوم على أساس مجموعة محددة من العناصر التي نجدها بصورة منتظمة في الطبيعة، وهي أصابع اليد. لقد كان التركيز على الأيدي مهما للغاية لتطور الأرقام، مثلما كان بالقدر نفسه من الأهمية لرسم الأيدي على الكهوف في العصر الحجري. لقد كانت عقولنا في حاجة إلى أجسامنا، أو إلى أيدينا وأصابعنا تحديدا، من أجل معرفة الكميات. ويدعم هذا الاستنتاج أدلة من الأعداد المنطوقة، وهو ما سنذكره بقدر أكبر من التفصيل في الفصل الثالث، أما في هذا الفصل فقد رأينا أن أنواعا مختلفة من الأرقام المكتوبة تعزز هذا الاستنتاج. وقد رأينا أيضا أن الأرقام كانت موجودة في فجر الكتابة، والأرجح أنها كانت مهمة للغاية لتطور الكلمة المكتوبة.
Shafi da ba'a sani ba