128

Ƙidaya da Gina Dan Adam

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Nau'ikan

أو أي العددين التاليين أكبر قيمة:

6 أم 8؟

هل استغرقت وقتا أطول في تقييم الزوجين الأولين من الأعداد؟ إذا كنت قد فعلت، فهذا يعني أن أوقات استجابتك لا تختلف عما أبداه معظم الأشخاص الذين تعرضوا لاتخاذ هذا القرار؛ فالفصل الكامل بين المعلومات المكانية والمعلومات العددية صعب بعض الشيء. وهذا التشابك الموجود بين هذين النوعين من المعلومات، يظهر بالفعل في الأبحاث المعنية بتصوير للدماغ. فحين يطلب من الأفراد التركيز على عدد أو أداء مهمة تتضمن التفكير العددي، تنشط في أدمغتهم أجزاء محددة. ويحدث الشيء نفسه حين يؤدون مهام تستلزم منهم اتخاذ قرارات بشأن الحجم المادي والموقع أو أي منهما؛ إذ تنشط هذه الأجزاء نفسها.

15

إضافة إلى هذا، فإن التشابك المكاني العددي يتضح أيضا في الارتباط المكاني العددي لرموز الاستجابة، الذي يشار إليه عادة باسم تأثير سنارك

SNARC . (يعود اكتشاف هذا التأثير، مثل العديد غيره من سمات الإدراك العددي، إلى عالم النفس الفرنسي ستانيسلاس ىديهان.) ويتضح هذا التأثير في السياقات التجريبية، حين يطلب من الخاضعين للتجربة على سبيل المثال أن يضغطوا على زر فور أن يروا عددا محددا على شاشة أمامهم. في حالة الأعداد الكبيرة، كان الخاضعون للتجربة يستجيبون بصورة أسرع حين يضغطون الزر باليد اليمنى، وفي حالة الأعداد الصغيرة، كانوا يستجيبون بصورة أسرع حين يضغطون على الزر باليد اليسرى. ويشير هذا النمط في الاستجابة إلى أننا نفكر في الأعداد وكأنها توجد في تمثيل مكاني على طول خط ما، بحيث تكون الأعداد الأصغر على اليسار والأكبر على اليمين. بالرغم من ذلك، ففي بعض الثقافات التي يسير اتجاه كتابتها من اليمين إلى اليسار، نجد أن هذا الخط معكوس، ونجد أن الاستجابة إلى الأعداد الكبيرة تتحقق بصورة أسرع باليد اليسرى. إن انتشار تأثير سنارك، مثل القرارات العددية المتأثرة بالمكان التي ذكرناها في الفقرة السابقة، كلاهما يدل على التشابك الإدراكي بين المكان والأعداد.

16

بالرغم من أن الأدلة على وجود أساس مجازي ومكاني للتفكير الحسابي تتسم بالإقناع، فإن هذا لا يعني أن التفكير المجازي هو الأساس الوحيد لمثل هذا النوع من التفكير؛ فمن غير المنطقي ألا يكون لدينا سوى عامل واحد فقط هو الذي يفسر تطور الأعداد أو استخدام هذه الأعداد في مبادئ الحساب. في حالة المجاز ، على سبيل المثال، نجد أن الثقافات تختلف في طريقة وضعها للأعداد في سياق المكان. إضافة إلى ذلك، ففي بعض الثقافات نجد أن الأدلة التي نمتلكها على أن الأفراد يضعون الأعداد على خط لها، قليلة للغاية أو حتى منعدمة. (راجع النقاش عن جماعة اليوبنو في الفصل الخامس). وعلى مستوى أكثر بدائية، فقد لاحظنا بالفعل وجود عدد قليل من الثقافات التي لا تستخدم أي أعداد محددة على الإطلاق، أو تستخدم منها مجموعة محددة للغاية. وبالرغم من أن الطريق اليدوي إلى الأعداد منتشر للغاية، فهو ليس بالطريق المحتمل الوحيد، ولا تظهر آثاره على الدوام في أساسات الأنظمة العددية. فعلى سبيل المثال، تستخدم بعض اللغات أنظمة سداسية (الأساس 6) لا يمكن تفسيرها باستخدام الأيدي أو الأصابع في التسمية الأولية للكميات. (راجع الفصل الثالث) إن أحد الموضوعات المتكررة في مجال اللغويات هو أنه لا ينبغي لنا الإفراط في تعميم الأنماط التي تتضح في العديد من اللغات، ونفترض أنها توجد في اللغات جميعها. بالرغم من ذلك، ولأن جميع البشر يمتلكون الأدمغة نفسها والأجساد نفسها بصفة أساسية، فليس من المفاجئ أنهم عادة ما يتخذون مسارات متشابهة توصلهم إلى المفاهيم الحسابية، وهذه المسارات غالبا ما تتضمن طرقا مجازية.

ومن الأساسات الأخرى التي أسهمت في انتشار الأعداد الأساس اللغوي على وجه التحديد؛ إذ تشير بعض الأعمال التي قامت بها عالمة اللغويات هايكا فيسا إلى أن علم بناء الجملة ييسر ابتكار المفاهيم العددية؛ فقد يساعدنا البناء اللغوي على تحويل مصطلحات الأعداد مثل «خمسة» و«ستة» إلى أنظمة عددية ذات فائدة أكبر. وفي نهاية المطاف، عندما ندرك نحن - مستخدمي الأعداد - أن 6 أكبر من 5 بمقدار واحد، وأقل من 7 بمقدار واحد، نصبح على وعي بمبدأ الخلف. لكن الأرجح أننا نتوصل إلى هذه الفكرة، بشكل جزئي على الأقل، لأن اللغة توفر لنا التدريب على استخدام رموز يختلف معناها وفقا للترتيب الذي ترد فيه. فلنتناول هذه الجملة الإنجليزية المتعدية على سبيل المثال:

The crocodile ate the snake . (التي تعني بالعربية أن التمساح أكل الثعبان.) يتوقف معنى هذه الجملة على كلماتها المفردة ، لكن الكلمات وحدها لا تكفي للفهم في غياب الاتفاق البنائي؛ فبالرغم من كل شيء، توجد بعض أنواع الثعابين (الأناكوندا) تأكل التماسيح؛ فكيف سنعرف ما الذي يأكل ماذا؟ إن السهولة التي نفهم بها مثل هذه الجمل التي يمكن أن تكون مبهمة، يعود السبب فيها إلى قواعد بناء الجملة في اللغة الإنجليزية. فلأننا نعرف أن الفاعل يسبق الفعل عادة، الذي يسبق المفعول بدوره؛ فنحن نعرف أن الثعبان هو الذي أكل. وإذا طبقنا على عالم الأعداد هذا النوع من المعنى الذي يتوقف على الترتيب، يمكننا أن نرى كيف أن علم بناء الجملة يساعدنا في فهم العلاقة بين كل عدد والآخر. ربما تكون لدينا نزعة فطرية لتشكيل التسلسلات العددية وفك رموزها، وفهم أن مفردات العد لها معان محددة متوقعة؛ لأن البناء اللغوي يساعدنا في وضع الأساس لفهم تسلسلات الأعداد. ومن هذا المنظور فإن البناء اللغوي يمدنا بالأساس لإدراك أن معاني الكلمات يمكن أن تختلف وفقا للترتيب الذي ترد فيه.

Shafi da ba'a sani ba