وقد تعزى بهذا القول، ونزل عن السطح إلى غرفته، فخلع ملابسه ونام آمنا مطمئنا كأنه الإمبراطور تيطس في أيام نعيمه، وكان قد تعب كثيرا في ذلك اليوم، فاستغرق في الرقاد إلى أن تعالت الشمس، ولم يصح إلا حين سمع قرعا شديدا متواليا على باب منزله.
وقد نهض من سريره، وذهب ليفتح الباب، وهو يحسب الطارق عميلا من عملاء التصوير، فلم يتمالك عن إظهار انكماشه حين فتح الباب، ورأى أن هذا الطارق إنما كان شارنسون صديق جاره فيلكس، وكان شارنسون قد زرر سترته إلى العنق وظهرت عليه علائم الخطورة، فما شك أنيتور أنه قادم إليه لشأن جليل.
أما شارنسون فإنه دخل من فوره، فأقفل الباب وقال له: إنك لم تكن تتوقع زيارتي كما أرى؟ قال: كلا! فإنك لم تشرفني بزياراتك قبل الآن. - إني مستعجل، ولا يتسع وقتي لتبادل أقوال لا طائل فيها، فسأخبرك عن السبب في زيارتي بغاية الإيجاز. فأدرك أنيتور شيئا من قصده ولم يتمكن من إخفاء خوفه. فقال له شارنسون: إن صديقي فيلكس معرض الآن لخطر الموت، فقد أصيب بنوبة شديدة حطم في خلالها تمثاله.
قال: ما هذا الخطأ العظيم؟ - وبعد أن حطم تمثاله أراد أن يقتل نفسه، ولكني حلت دون قصده بمساعدة أمه، وبينما كنا نهتم به ذهب الخادم وعاد بالطبيب، فأخبرناه بكل ما جرى، وأشار علينا أن نخبر المدموازيل باكيتا، وبعد ساعة جاءت باكيتا، ثم جاء بعدها البرنس لعيادة صديقي المنكود، وبعد أن وقفا على حقيقة ما كان؛ انجلى لنا الحق، وعلمنا أنك رجل شقي أثيم، تفضلك الوحوش الضواري.
قال: ماذا تقول؟
أجاب: أقول إن الوقت لا يتسع لزيادة الإيضاح، فاعلم الآن السبب الذي زرتك من أجله، إن صديقي فيلكس مريض لا يستطيع مبارزتك، أما أنا فقد عولت على قتلك ولم يكن لي وقت لإرسال شهودي إليك، فجئت بنفسي كي نتفق على شروط القتال في الحال، فحاول أنيتور أن يماطل كسبا للوقت، فقال: إني لا أجد سببا وجيها يحملني على مبارزتك، ومع ذلك فإني راض بها، فأرسل إلي شهودك.
قال: لقد قلت لك إني أتيت بنفسي كي أتفق معك الآن فإني إذا أمهلتك إلى أن يحضر الشهود أركنت لا محالة إلى الفرار.
قال: إنك تمزح.
أجاب: بل أقول الجد، فإن مركبتي واقفة تنتظر عند بابك.
قال: لماذا؟
Shafi da ba'a sani ba