Abu Shuhada Husayn Ibn Ali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Nau'ikan
وشاءت مصادفة من المصادفات أن يساق إليها ركب الحسين بعد أن حيل بينه وبين كل وجهة أخرى، فاقترن تاريخها منذ ذلك اليوم بتاريخ الإسلام كله. ومن حقه أن يقترن بتاريخ بني الإنسان حيثما عرفت لهذا الإنسان فضيلة يستحق بها التنويه والتخليد.
فهي اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكرى، ويزوره غير المسلمين للنظر والمشاهدة، ولكنها لو أعطيت حقها من التنويه لحق لها أن تصبح مزارا لكل آدمي يعرف لبني نوعه نصيبا من القداسة وحظا من الفضيلة؛ لأننا لا نذكر بقعة من بقاع هذه الأرض يقترن اسمها بجملة من الفضائل والمناقب أسمى وألزم لنوع الإنسان من تلك التي اقترنت باسم كربلاء، بعد مصرع الحسين فيها.
فكل صفة من تلك الصفات العلوية التي بها الإنسان إنسان وبغيرها لا يحسب غير ضرب من الحيوان السائم؛ فهي مقرونة في الذاكرة بأيام الحسين - رضي الله عنه - في تلك البقعة الجرداء.
وليس في نوع الإنسان صفات علويات أنبل ولا ألزم من الإيمان والفداء والإيثار، ويقظة الضمير، وتعظيم الحق، ورعاية الواجب، والجلد في المحنة، والأنفة من الضيم، والشجاعة في وجه الموت المحتوم، وهي - ومثيلات لها من طرازها - هي التي تجلت في حوادث كربلاء منذ نزل بها ركب الحسين، ولم تجتمع كلها ولا تجلت قط في موطن من المواطن تجليها في تلك الحوادث، وقد شاء القدر أن تكون في جانب منها أشرف ما يشرف به أبناء آدم؛ لأنها في الجانب الآخر منها أخزى ما يخزى به مخلوق من المخلوقات.
وحسبك من تقويم الأخلاق في تلك النفوس، أنه ما من أحد قتل في كربلاء إلا كان في وسعه أن يتجنب القتل بكلمة أو بخطوة، ولكنهم جميعا آثروا الموت عطاشا جياعا مناضلين على أن يقولوا تلك الكلمة أو يخطوا تلك الخطوة؛ لأنهم آثروا جمال الأخلاق على متاع الحياة.
أو حسبك من تقويم الأخلاق في نفس قائدها وقدوتها أنهم رأوه بينهم فافتدوه بأنفسهم، ولن يبتعث المرء روح الاستشهاد فيمن يلازمه إلا أن يكون هو أهلا للاستشهاد في سبيله وسبيل دعوته، وأن يكون في سليقة الشهيد الذي يأتم به الشهداء.
نموت معك
أقبل الفتى الصغير علي بن الحسين على أبيه، وقد علم أنهم مخيرون بين الموت والتسليم فسأله: ألسنا على الحق؟
قال الوالد المنجب النجيب: بلى، والذي يرجع إليه العباد.
فقال الفتى: يا أبه! فإذن لا نبالي!
Shafi da ba'a sani ba