ثم تتساند الدولة الجديدة ويسطع فيها نجم الرشيد، ثم يذهب الرشيد والناس لم يتركوا الحديث عن المستخلفين الموعودين من أئمة العلويين، ولكن الرشيد يقسم الدولة بين ولديه، ويجعل للأمين ولاية العهد بعده، ويجعل للمأمون ولاية المشرق برعاية أخيه، فلا يمضي قليل حتى ينتقض العهد بين الأخوين، ويعيش الشاعر على مقربة من قصر الملك ببغداد، فيرى سيد القصر بين خاصته وجنده وذويه، وهم يتداولون تسليمه إلى عدوه مرة بعد مرة، ويقتله من اؤتمن عليه.
وكان الشاعر يذهب حيث ذهب، فلا يلقى في الرقعة الطويلة العريضة غير الثورة وأشراطها ومقدماتها، وقسم له في مصر أن يشهد بوادرها، وأن يعين واليها «الخصيب» على تسكينها، فخاطب الشاغبين بأبياته التي يقول فيها:
منحتكم يا آل مصر نصيحتي
ألا فخذوا من ناصح بنصيب
ولا تثبوا وثب السفاه فتحملوا
على حد حامي الظهر غير ركوب
فإن يك باق إفك فرعون فيكم
فإن عصا موسى بكف خصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية
أكول لحيات البلاد شروب
Shafi da ba'a sani ba