ومن أسباب التدليل التي أحصاها أطباء الأمراض النفسية أن تشتهي الأم أن ترزق بنتا لغربتها، أو وحدها واقترابها من الشيخوخة التي تحتاج فيها إلى عناية المرأة، فترزق ولدا ذكرا بدلا من البنت التي تتمناها، ويحدث في هذه الحالة أنها تربي الولد تربية البنات تسلية لها ومغالطة لأمنيتها، وليست هذه الأمنية بعيدة من خاطر أمه؛ لأنها كانت امرأة من قرى الأهواز تزوج بها هانئ وهو في جيش الأمويين، ثم نقلها إلى البصرة بعد قيام الدولة العباسية، فجاءتها وحيدة منقطعة عن أهلها، وجعلت تعيش في موطنها الجديد بإرضاع الأطفال، وصنع الجوارب وبيع الملابس لنساء البيوت.
يقول أندريه تريدون
Tridon
في كتابه «التحليل النفسي والأخلاق»:
إن المحللين النفسيين متفقون جميعا على تكوين الشذوذ الجنسي في صورته المنفعلة، فإن الصبي الشاذ المنفعل هو في جميع الحالات ابن أيم أو زوجة مطلقة فارقت زوجها بالموت أو الهجر والمقاضاة عقب ولادة الطفل، فنما الطفل مضطرا إلى التماس قدوة يقتدي بها فوجد هذه القدوة في أمه، وكبر وهو يحاكيها في الإعراض عن النساء والمبالاة بالرجال، وأصبح كالمرأة في كل اعتبار غير اعتبار التشريح، ثم يدرك الرغبة الجنسية على النحو الذي تدركه المرأة، فيتمنى مثلها أن يحرزه رجل كما يحرز النساء.
ويجاري النفسيين في مثل هذا الرأي أستاذ لعلم الأمراض النفسية قليل الشطط في آرائه، وهو الدكتور جوردون آلبورت
Allport
أستاذ هذا العلم بجامعة هارفارد، فيقول في كتابه عن الشخصية والترجمة النفسية:
5 «إن الولد النحيل الذي يعاني جرحا نرجسيا يجد ملاذا له في أن يصبح عشيرا مدللا
لأستاذه».
Shafi da ba'a sani ba