فالآفة هنا ثابتة والدلالات إنما تأتي بعد ذلك لتطبيقها، واستخراج أسبابها ومراجعة هذه الأسباب على النشأة والبيئة.
فليست الدلالات هنا هي التي تهم الحسن بن هانئ، وتقيم البينة على اتصافه بآفته النفسية، ولكنها قرائن تنتظر التطبيق والمضاهاة بينها وبين الآفة الموجودة، فلا حرج من الاستدلال بها وهي متفرقة، أو من الاستدلال بها وهي مجتمعة.
أما الاعتماد على أشباه هذه الدلالات لإثبات آفة غير ثابتة، فهذا هو موضع الحرج والأناة، فإن كلا منها قد يؤخذ على حدة، فلا يدل على شيء وقد تجتمع معا فيبقى الشك في حقيقة الارتباط بينها، ومقدار التوافق في جوانب هذا الارتباط وتلاقيها حقا على وجهة واحدة.
لهذا يجوز أن يعتمد الباحث على بعض الأغراض في دلالتها على هذه الشخصية، ولا يجوز أن يعتمد عليها في سائر الشخصيات، ومرجع ذلك إلى ثبوتها مجتمعة ومتفرقة ثبوتا لا خلاف عليه.
ونبدأ بدلالات التكوين الجسدي كما جاءت في أوصاف لم يخالفها أحد من مترجميه.
التكوين الجسدي
قال ابن منصور في أخبار أبي نواس: «كان حسن الوجه، رقيق اللون، أبيض، حلو الشمائل، ناعم الجسم، وكان في رأسه سماحة وتسفيط - أي: كان شعره منسدلا على وجهه وقفاه - وكان ألثغ بالراء يجعلها غينا، وكان نحيفا، وفي حلقه بحة لا تفارقه».
وقال من سيرته مع والبة بين الحباب: «فرأى بدنا حسنا، وكان جميل الوجه وحسن البدن، فأطار عقله».
وقال في سبب تسميته بأبي نواس: «سئل مرة أخرى فقال: سبب كنيتي أن رجلا من جيراني بالبصرة دعا إخوانا له، فأبطأ عليه واحد منهم فخرج من بابه يطلب من يبعثه إليه ليستحثه على المجيء إليه، فوجدني مع صبيان ألعب معهم، وكانت لي ذؤابة في وسط رأسي فصاح بي يا حسن امض إلى فلان وجئني به، فمضيت أعدو لأدعو الرجل وذؤابتي تتحرك، فلما جئت بالرجل قال: أحسنت يا أبا نواس، لتحرك ذؤابتي، فلازمتني هذه الكنية».
وكان يعتز بفراهة بدنه، قال أبو القشير: «نظمت الشعر وأنا غلام وأبو نواس غلام، وكنا جميعا نضرب العود، وكنت أحسن وجها من أبي نواس وأبو نواس أطبع مني، فتفاخرنا بالشعر وغيره، ثم قلت له: إني أجمل منك وجها، فقال: بل أنا أحسن منك وجها وأفره.»
Shafi da ba'a sani ba