أبر بمثله من والديه
ورابعها فللندمان حق
سوى حق القرابة والجوار
ولم يخف على أحد من أبناء عصره ما كان يعنيه بالإنحاء على الطلول، وباللجاجة في هذا الإنحاء، ولم يكن هو يخفي مقصده منه وهو يتبعه بالإنحاء على الأعراب من كل قبيل، ويقابل بين الخيام وإيوان كسرى، وبين الدروب والميادين؛ فلهذا نهاه الخليفة عن الاستمرار في هذه اللجاجة وأمره بوصف الطلول، فقال:
دعاني إلى وصف الطلول مسلط
لقد ضقت ذرعا أن أجوز له أمرا
فليس اللهج بالنعي على الطلول دعوة إلى الجديد كما يتراءى من النظرة السطحية إلى ظاهر العبارة، ولم يأمره الخليفة بالكف عنه؛ لأنه تجديد ينكره، ولكنه فهمه على معناه الذي لا يفهم على سواء من هذا التهوس بتحقير الأطلال وأهل الأطلال، وخشي منه مغبته بين القبائل المتحفزة في تلك الآونة، فنهاه عنه نهيا عن هجاء سياسي لا تحمد عقباه.
وبعد فهل كان أبو نواس يتجنب بكاء الأطلال إيثارا للتجديد، أو إيثارا لمذهب كائنا ما كان من المذاهب الفنية؟ كلا، فإنه لم يدع إلى تجنبها إلا ليستطرد من ذلك إلى النعي على أهلها ومفاخر أنسابها. وإلا فمطالعه في بكاء الأطلال والديار تزيد على مطالع الشعراء من معاصريه أو المتقدمين عليه، وهذه بعض تلك المطالع المتكررة.
قال في أحدها:
هل عرفت الربع أجلى
Shafi da ba'a sani ba