غدر وفتك
فلما خرج العيار، عاد أبو سلمة إلى مخاطبة صالح وقد انشرح صدره بعد ذلك الانقباض؛ لأنه لم يخامره شك في نجاح أبي ضرغام، فقال: «لا يلبث هذا اليهودي أن يأتيك صاغرا؛ فافعل به ما تشاء. أخبرني الآن عما فعلته في الشام؟»
وكان صالح قد اطمأن خاطره أيضا وسري عنه، فقص على أبي سلمة حديث سفره من أوله إلى آخره، فأعجب بدهائه ومكره غاية الإعجاب، وعادت إليه آماله باسترجاع ما كاد يذهب من أمر العلويين، وقال: «هل أنت واثق من مقتل إمامهم إبراهيم؟»
قال صالح: «لا شك أنه قتل الآن، ولكن البيعة انتقلت إلى أخيه أبي العباس، فيهمنا أن نقضي على بقية أهله، فتذهب البيعة ولا يبقى من يبايعونه من العباسيين، فتفضي الخلافة طبعا إلى العلويين. وهذا محمد بن عبد الله الحسني مقيم في المدينة، وقد بايعه سائر بني هاشم من العباسيين والعلويين، على أن يكون هو خليفة المسلمين بعد ذهاب دولة بني أمية. وهذه البيعة ثابتة ولا ريب فيها.»
1
فقطع أبو سلمة كلامه وقال: «لا شك عندي في صحة هذه البيعة، وأنا على يقين أن العباس هذا وأخاه المنصور وسائر بني هاشم بايعوا محمدا المذكور، ولكنهم ينكرون هذه البيعة الآن، ولولا ذلك لما كان ثمة باعث على هذا الاختلاف.»
فقال صالح: «مهما يكن من الأمر، فإن العباس وأخوته وأعمامه وسائر أهله قادمون إليك بعد قليل، وسينزلون عندك فيكونون في قبضتك، فأرسلهم إلى خوارزم.» قال ذلك وضحك.
فلم يفهم أبو سلمة مراده فقال: «ولماذا نرسلهم إلى هناك؟»
فقال صالح : «إنما أعني أن تقتلهم. وهذا تعبير تعلمناه من كبير القتلة ورئيس أهل الغدر أبي مسلم، فإنه يكني بخوارزم عن القتل، فإذا قال خذوا فلانا إلى خوارزم، علموا أنه يريد قتله.»
فضحك أبو سلمة لهذا التعبير ثم قال: «وهل تعني أن أقتل آل العباس؟»
Shafi da ba'a sani ba