Abu Hanifa da Darajojin Dan Adam a Mazhabinsa
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Nau'ikan
27
وقد زاد الإمام السرخسي هذه المسألة وضوحا وأتى فيها بصور قد تبدو متقاربة ولكن الحكم يختلف فيها عند بعض الفقهاء، وهو كشأنه دائما يستدل لكل رأي بذكر دليله الذي يستدل به صاحبه.
28
إنه أولا: يذكر أنه لو أخبر الشفيع أن الثمن ألف درهم فسلم الشفعة، فإن كان أكثر فتسليمه صحيح، وإن كان أقل فله الشفعة. وقال ابن أبي ليلى: لا شفعة له في الوجهين؛ لأنه أسقط حقه بعدما وجبت له الشفعة ورضي بمجاورة المشتري، فليس له أن يطلب الشفعة وإبعاد المشتري بعد أن رضي به.
ثم يحتج بعد هذا لأبي حنيفة وأصحابه بأن الشفيع قد أسقط حقه، بشرط أن يكون الثمن ألف درهم؛ لأنه بنى تسليمه على ما أخبر به، فكأنه قال: سلمت إن كان الثمن ألفا. وإنما أقدم على إسقاط حقه لغلاء الثمن في رأيه، أو لعدم استطاعته تحصيل الألف، وهذا المعنى لا يزول إذا كان الثمن أكثر من ألف، بل يزداد. فأما إذا كان الثمن أقل من ألف، فقد انعدم السبب الذي من أجله رضي بإسقاط حقه. فيكون له أن يطلب الشفعة.
وهذا لأن الأخذ بالشفعة شراء، وقد يرغب الإنسان شراء شيء ما بثمن معين، ولا يرغب إذا كان الثمن أكثر، ولو سلم الشفعة قبل الشراء كان تسليمه باطلا؛ لأنه يكون قد تنازل عن حق لم يثبت له بعد، إذ لم يوجد بعد سببه، والإسقاط قبل وجود سبب الوجود يكون لغوا؛ مثله في هذا مثل الإبراء عن الثمن قبل البيع فيكون لغوا لا أثر له.
وثانيا، يعرض هذه الصور: (أ)
لو أخبر المشتري أن الثمن هو شيء من المكيلات أو الموزونات فرغب عن الشفعة وتنازل عنها، فإذا الثمن من جنس آخر أقل أو أكثر قيمة مما أخبر به أولا، فهو على شفعته وله أن يطلبها؛ لأن الإنسان قد يتيسر له في الشراء جنس دون جنس من المثليات التي تدفع ثمنا، فكأنه قال: سلمت الشفعة إن كان الثمن مقدار كذا مما يكال أو يوزن. (ب)
وكذلك لو أخبر أن الثمن شيء من القيميات، كعبد أو ثياب أو دابة مثلا، فتنازل عن الشفعة، ثم ظهر له أنه كان شيئا مكيلا أو موزونا؛ كان له أن يطلب بالشفعة؛ لأن للشفيع أن يأخذ المبيع المشفوع فيه بمثل ما اشتراه المشتري به إن كان الثمن له مثل، وإلا أخذ بقيمته؛ وقد يكون ميسورا للشفيع - في هذه الحالة - أن يدفع الثمن مكيلا أو موزونا، ويتعذر عليه تحصيل الدراهم ليدفع ثمنا. (ج)
ولو قيل للشفيع: إن الثمن ألف درهم فتنازل عن الشفعة، ثم علم أنه مائة دينار قيمتها ألف درهم أو أقل أو أكثر؛ فعندنا هو على شفعته إن كان قيمتها أقل من الألف، وإلا فتنازله صحيح، وليس له أن يأخذ بالشفعة من جديد. وعلى قول زفر، هو على شفعته على كل حال من هذين الحالين؛ وذلك لأن الدراهم والدنانير جنسان من الأثمان؛ ولهذا يحل التفاضل بينهما في الصرف مثلا، فكأنما قال: سلمت إن كان الثمن ألف درهم، فإذا تبين له أن الثمن دنانير فهو على شفعته، كما في المكيلات والموزونات.
Shafi da ba'a sani ba